المقالة السابعة: تاريخ الحزب الشيوعي الصيني تاريخ تقتيل
توطئة
صورة من الأرشيف تمثل "عدوّا للثورة" وشى به نشطاء من الح ش ص وهاجموه أثناء الثورة الثقافية. (أ.ف.ب / صور جاتي)
إنّ تاريخ الحزب الشيوعي الصيني، ومدّته 55 سنة، مُضرّج بالدم والكذب. والقصص التي وراء هذا التاريخ الدامي هي لا فقط مأساوية للغاية، ولكنها مجهولة في معظمها. تحت زعامة الح ش ص، قـُـتـِل عدد يتراوح بين 60 و 80 مليون صينيّ بريء، تاركين وراءهم عائلات ممزقة. الكثير يتساءلون لم يقتل الح ش ص بتلك الكثرة. مع مواصلة قمعه العنيف للفالون غونغ، وقمعه مُؤخرًا لاحتجاجات شعبيّة في هانيوان بإطلاق الرصاص عليها، يحقّ لنا أن نتساءل : هل سيأتي يوم نرى فيه الح ش ص يعبّر بالكلمات بدل الأسلحة ؟
لقد لخّص ماوو تسي تونغ هدف الثورة الثقافية كما يلي :"[...] تمرّ الفوضى، ويستعيد العالم الطمأنينة والسلام، ولكن بعد مُضيّ 7 أو 8 سنوات لا بدّ للفوضى أن تعود من جديدٍ" [1]. بعبارة أخرى، لا بدّ من قيام ثورة ثقافية كلّ 7 أو 8 سنين، ولا بدّ من قتل جزء من الشعب كلّ 7 أو 8 سنين.
هناك ايديولوجية كاملة تقبع خلف مجازر الح ش ص وهناك أيضًا متطلـّبات عمليّة.
بناءًا على ايديولوجيّته الخاصّة، يعتقد الح ش ص في "ديكتاتوريّة البروليتاريا" وفي "الثورة المستمرّة بقيادة ديكتاتورية البروليتاريا". لذا، بعد استيلاءه على السلطة في الصين، قتل مالكي الأراضي ليحلّ مشاكل العلاقات الإنتاجية في المناطق الريفية، وقتل "الرأسماليّين" ليصل إلى إصلاحات تجارية وصناعية ويحلّ مشاكل الإنتاجية في المدن. وبعد أن قضى على هاتين الطبقتين، حُلـّت المشاكل الاقتصادية إجمالاً. وبالطريقة نفسها، وضع ثقافة الطبقة المهيمنة [2] تمّ أيضًا بواسطة القتل. فقد تمّ القضاء على المثقفين أثناء قمع مجموعات هوفانغ المعارضين للحزب [3] وقمع الأعداء اليمينيّين. أمّا مشكل الديانات فقد حُلّ عن طريق قتل المسيحيّين، والطاويّين، والبوذيّين، والجماعات العرقيّة. القتل الجماعيّ الذي وقع أثناء الثورة الثقافية أرسى الهيمنة المطلقة ـ الثقافية والسياسية ـ للح ش ص. مجزرة ساحة تيانانمن كانت تهدف لتجنّب أزمة سياسيّة ولوئد أيّ مطالب ديموقراطية. اضطهاد الفالون غونغ يهدف للقضاء على المسائل العقائدية ومسائل الطب التقليدي. سواءًا كانت الأزمات المالية المستمرّة (أسعار سلع الاستهلاك ارتفعت بشكل ملحوظ منذ أن استولى الح ش ص على السلطة والاقتصاد الصيني انهار إثر الثورة الثقافية) أو الأزمات السياسية (رفض الناس للانصياع لأوامر الحزب وإصرارهم على أن يتقاسموا معه الحقوق السياسية)، أو الأزمات العقائدية (تفكّك الاتحاد السوفياتي سابقـًا، والتغيّرات السياسية في أوروبا الشرقية ومسألة الفالون غونغ)...من وجهة نظر الح ش ص كلّ هذه الأزمات كانت لازمة لتقوية سلطته والحفاظ عليها. باستثناء الفالون غونغ، استعمل الح ش ص كلّ هذه الحركات تقريبًا ليُحيي من جديدٍ الشيطان الكامن ويُأجّج الرغبة في الثورة. كما استعمل الح ش ص هذه الحركات السياسية أيضًا ليختبر أعضاءه أنفسهم، وليصفـّي منهم أولئك الذين لا يستجيبون لمقاييس الحزب.
القتل أساسيّ أيضًا لأسباب عمليّة. في بدايته كان الح ش ص عبارة ً عن زمرة من الصعاليك والمجرمين الذين يقتلون لكي يستحوذوا عالى السلطة. ولكن بعد أن أسّسوا تلك السلطة، لم يكن ممكنـًا أن يتراجعوا إلى الوراء. وجدوا أنّ عليهم أن يُبقوا على تلك الحالة من الرعب دائمًا، لكي يُرهبوا الناس ويُرغموهم على قبول تلك السلطة والإذعان لها، في ظلّ الخوف.
في الظاهر، يبدو وكأنّ الح ش ص كان "مُضطرّا للقتل"، يُمكن أن يُخيّل لنا أنّ مُختلف الأحداث التي وقعت هي التي أطلقت مكنة القتل الآليّ لديه. في الحقيقة، تلك الأحداث استعمِلت لإخفاء حاجته إلى القتل، لأنه بالنسبة للحزب، من الضروري أن تقع ممارسة القتل بصفة دوريّة. بدون تلك الدروس الأليمة، كان الناس ربّما سيبدؤون يظنّون أنّ الح ش ص بصدد التحسّن، وسيتجرّؤون ربّما على المطالبة بالديموقراطية، مثل أولئك الطلبة الطوباويّين أثناء الحركة الديموقراطية في 1989. الالتجاء إلى مجزرة كلّ 7 أو 8 سنين من شأنه أن ينفض الغبار عن ذاكرة الناس ويُعيد إلى أذهانهم الرعب المستمرّ ويُحذّر الأجيال الجديدة ويُفهمهم أنّ أيّا كان يعترض على الح ش ص، سواءًا كان يروم أن يتحدّى السلطة المطلقة للح ش ص أو يُجدّد العهد مع تاريخ الثقافة الصينية، فإنه يذوق طعم "القبضة الحديدية لديكتاتورية البروليتاريا".
أصبح القتل بالنسبة للح ش ص أحد الوسائل الأساسية للحفاظ على السلطة. مع إهراقه المزيد والمزيد من الدم، كان يُصبح مدينًا أكثر فأكثر، فإن هو وضع سكّين الجزار جانبًا، كان ذلك ربّما سيشجّع الناس على الانتقام من الأعمال الإجرامية للح ش ص. القتل بكثرة وبدقة لم يكن كافيًا، بل إنّ المجزرة كان ينبغي أن تتمّ بطريقة أكثر ما تكون عنيفة، لكي يُربِك الجماهير بطريقة فعّالة، وخاصّة في الفترة التي كان فيها الح ش ص بصدد إرساء سلطته.
بما أنّ الهدف من القتل هو إرساء مناخ من الرعب، فإنّ الح ش ص كان يختار ضحاياه بطريقة عشوائيّة ولا معقولة. في كلّ حركة سياسيّة، استعمل الح ش ص استراتيجية المجزرة. ولنأخذ كمثال "قمع الرجعيّين" : لم تقمع تلك الحركة الأعمال "الرجعيّة" بل "الناس" الذي يُعتبرُ أنهم "رجعيّون". إن كان أحدهم قد حُمِل للخدمة العسكرية واشتغل بضعة أيّام تحت لواء الجيش الوطني (الكوومينتانغ) ـ بدون أن يكون قد مارس السياسة بعد وقوع السلطة بيد الح ش ص ـ فإنه كان يُـقتَلُ على كلّ حال بسبب "ماضيه الرجعيّ". أثناء الإصلاح الزراعي، وبهدف تسوية المشكل "من جذوره"، كان الح ش ص كثيرًا ما يقتل عائلات أصحاب الأراضي بأكملها.
منذ 1949، اضطهد الح ش ص أكثر من نصف الشعب الصيني. يُقدّرُ أنّ عددًا يتراوح بين 60 و80 مليونًا قد ماتوا ميتة ً غير طبيعية. هذا العدد يفوق عدد قتلى الحربين العالميّتين مجتمعتين.
ومثلما هو الحال في بلدان شيوعية أخرى، التقتيل العشوائي الذي كان يُمارسه الح ش ص كان يضمّ أيضًا التصفية العنيفة لأعضاءه أنفسهم، وذلك بهدف القضاء على المنشقـّين الذين يختلج في قلوبهم شيء من الإنسانية يعلو على طبيعة الحزب. بهدف بناء قلعة منيعة، فإنّ سلطة الرعب للح ش ص تضرب الشعب وأعضاء الح ش ص أنفسهم على حدّ سواء.
في مجتمع عاديّ، نجد الناس يُحسّون بالعطف والمحبّة بعضهم إزاء بعض. هم يحترمون الحياة، ويشكرون الله. في الشرق يُقال :"لا تفعل بالآخرين ما لا تُريد أن يُفعَل بك" [4]. في الغرب يُقال :"أحبّ أخاك الإنسان مثلما تحبّ نفسك" [5]. مقابل ذلك، يؤكّد الح ش ص على أنّ "تاريخ كلّ المجتمعات البشرية التي وُجدت حتّى الآن هي تاريخ صراع بين الطبقات" [6]. ولكي نبقي على هذه "الصراعات" داخل المجتمع، يجب أن نولـّد الكره. الح ش ص لا يقتل فحسبُ، بل أيضًا يُشجّع الناس على الاقتتال فيما بينهم. هدفه هو أن يُصيّرهم عديمي الإحساس بآلام الغير، مع جرائم القتل المُرتكـَبة في كلّ مكان. هدف الح ش ص هو تعريضهم بصفة دائمة لذلك العنف اللاّـ إنساني، وبالتالي تخديرهم، ولكي تتكوّن لديهم فكرة أنّ أقصى ما يتمناه الفرد هو أن ينجو من الاضطهاد. كلّ هذه الدروس التي كان الح ش ص يُعطيها أثناء حملات القمع العنيفة تخوّل له أن يبقى في السلطة.
بالإضافة إلى قتله عددًا لا يُحصى من البشر، يُدمّر الح ش ص أيضًا روح الأمّة الصينية. الكثير من الناس أصبحوا مُكيَّـفين ونجد أنّ ردّة فعلهم إزاء الح ش ص تفتقر إلى أدنى مبادئ أو منطق سليم. بعبارة أخرى، روح هؤلاء الناس قد ماتت...وهو شيء أفظع بكثير من موت الجسم.
I. مجزرة مروّعة
قبل أن يبلغ الح ش ص سدّة الحكم، كان ماوو تسي تونغ قد كتب :"نحن بطبيعة الحال لن نتوخّى سياسة رفق وحسن معاملة إزاء الرجعيّين والنشاطات الرجعيّة للطبقات الرجعيّة" [7]. بعبارة أخرى، حتّى قبل أن يستولي على بيكين، كان الح ش ص قد نوى أن يمارس الطغيان المقنّع تحت الاستعارة التالية "الديكتاتورية الديموقراطية الشعبية". نستعرض فيما يلي بعض الأمثلة :
1- قمع الرجعيّين والإصلاح الزراعي
في مارس 1950، كان الح ش ص يُطلق "أوامر بقمع العناصر الرجعيّة بصرامة"، وعُرفت هذه الحركة فيما بعد بـ "قمع الرجعيّين".
خلافًا لكلّ من سبق من الأباطرة، الذين كانوا يمنحون العفو العامّ في كامل البلاد مُباشرة ً إثر تتويجهم، شرع الح ش ص في القتل حالما وصل إلى الحكم. في إحدى الوثائق يُصرّح ماوو تسي تونغ :"لا يزال هناك الكثير من الأماكن حيث الناس مُرتبكون ولا يجرؤون على قتل الرجعيّين علانيّة وعلى نطاق واسع". في شهر فبراير من سنة 1951، قال الح ش ص المركزيّ أنه باستثناء مقاطعات جيجيانغ وآنهوي بالجنوب، "المقاطعات الأخرى التي لا تقتل بما فيه الكفاية، وخصوصًا في المدن الكبرى والمتوسّطة، عليها أن تواصل القتل إلى أكثر حدّ ممكن، وألاّ تتوقف مُبكّرًا" [8]. حتّى أنّ ماوو طلب ما يلي :"فيما يخصّ قتل الرجعيّين في المناطق الريفية، يجب أن يتمّ قتل 1/1000 شخص في المعدّل. في المدن، لا بأس إن كانت نسبة القتل أقلّ" [9]. كان سكّان الصين في تلك الفترة يعدّون 600 مليون نسمة ؛ ولكنّ هذا الأمر الملكيّ الذي أصدره ماوو سبّب على الأقلّ 600.000 قتيلاً. لا أحد يعلم من أين أتت هذه النسبة : 1/1000 من المواطنين.. ربّما أنّ ماوو بكلّ بساطة قرّر أنّ هذه الـ 600.000 حياة كافية لكي يُخيّم مناخ الرعب وسط الشعب، لذلك أصدر أمره.
هل استحقّ هؤلاء الأشخاص الموت أم لا، هذا لا يدخل ضمن اهتمامات الح ش ص. "قوانين الجمهورية الشعبية بالصين في شأن عقوبات الرجعيّين" والمُعلـَنة في 1951 تنصّ على أنه حتّى من "يُروّج إشاعات" يُمكن أن "يُقتـَل فورًا".
بينما كان قمع الرجعيّين جاريًا، كان الإصلاح الزراعي أيضًا يجري على نطاق واسع. كان الح ش ص قد بدأه منذ نهاية السنوات 1920، في المناطق التي كان يحتلـّها. في الظاهر كان ذلك يبدو وسيلة للحصول على أمّة آمنة ومثاليّة ـ شبيهة بالمملكة السماوية بتايبينغ [10]ـ حيث كان كلّ فردٍ تقريبًا في المملكة يملك أراض...ولكن في الحقيقة كان ذلك مجرّد ذريعة للقتل. تاوو جو ـ الذي كان رقم 4 في ترتيب الح ش ص، ابتدع شعارًا للإصلاح الزراعيّ :"كلّ قرية تنزفُ دمًا، وكلّ زوجين يتشاجران"، مُشيرًا إلى أنه يجب قتل مالكي الأراضي.
كان بالإمكان أن يتمّ الإصلاح الزراعي دون قتل. الحكومة التايوانية قامت به عبر اشتراء الأراضي من أصحابها. ولكنّ الح ش ص نظرًا لكونه عُصبة من اللصوص وحثالة المجتمع لا يعرفون شيئًا سوى النهب، فقد كان بطبيعة الحال في حاجة لقتل ضحاياه لكي يضمن ألاّ ينتقموا أبدًا.
طريقة القتل الأكثر شيوعًا أثناء الإصلاح الزراعي كانت "مُلتقى الصراع". كان الح ش ص يختلق تُهمًا ويُلفّقها لأصحاب الأراضي والفلاّحين الأثرياء. ثمّ كان يطلب من الجمهور بأيّ طريقة ينبغي أن يُعاقـَبَ هؤلاء الأشخاص. ويكون هناك أعضاء ونشطاء من الح ش ص مندسّين داخل الحشد فيصيحون :"يجب قتلهم !" فيُقتـَلُ أصحاب الأراضي أو الفلاحون الأثرياء على الفور. في تلك الفترة، أيّ شخص كان يملك أراض في القرية كان يُنعَتُ بـ "طاغية". أولئك الذين كانوا يستغلّون القرويّين الفقراء كانوا يُنعَتون بـ "طغاة فاسدين". أولئك الذين كانوا كثيرًا ما يقدّمون العون ويرعوْن المصالح العامّة ويتبرّعون بالمال للمدارس وأثناء الكوارث الطبيعية كانوا يُنعَتون بـ "طغاة طيّبين"، وأولئك الذين لم يكونوا يفعلون شيئًا يُنعَتون بـ "طغاة صامتين"..ولم يكن هذا التصنيف مُهمّا على كلّ حال، إذ كان كلّ "الطغاة" يُقتلون فورًا مهما يكن الصنف الذين ينتمون إليه.
في 1952، نشر الح ش ص عدد "الأشخاص الرجعيّين" الذين قتلهم : أكثر من 2,4 مليون شخص. في الحقيقة عدد القتلى من أصحاب الأراضي وموظفي حكومة الكوومينتانغ السابقين على مستوى المقاطعة كان يصل إلى 5 ملايين على الأقلّ.
قمع الرجعيّين والإصلاح الزراعي كانت له ثلاثة عواقب : الأولى هي أنّ الموظفين القدامى الذين كان قد وقع عليهم الاختيار بواسطة نظام مستقلّ يرتكز على العشائر، تمّ القضاء عليهم. بقمعه للرجعيّين وبإصلاحه الزراعي، قتل الح ش ص كلّ المسيّرين والمُشرفين في النظام السابق وفرض سيطرة مُطلقة عبر وضعه عضوًا من الحزب الشيوعي على رأس كلّ قرية. العاقبة الثانية هي المبالغ الهائلة التي جمّعها نتيجة السرقة والنهب. والعاقبة الثالثة هي أنّ الموظفين أصيبوا بالرعب جرّاء القمع العنيف لأصحاب الأراضي والفلاّحين الأثرياء.
2- "حملة الأضداد الثلاثة" و"حملة الأضداد الخمسة"
قمع الرجعيّين والإصلاح الزراعيّ شملا بالأساس الأرياف، بينما "حملة الأضداد الثلاثة" و"حملة الأضداد الخمسة" (وتسمّيان أيضًا "حملة الضربات الثلاثة" و"حملة الأضداد الخمسة") اللتين تلتا شملتا المدن. (الثنائي الأول كان مجزرة الأرياف بينما الثنائي الثاني كان مجزرة المدن.)
"الأضداد الثلاثة" كانت حملة ضدّ الفساد، وضدّ التبذير، وضدّ البيروقراطية، بدأت في ديسمبر 1951 واستهدفت فساد إطارات الحزب. بعض الأعضاء الفاسدين للح ش ص تمّ إعدامهم. ولم يمض وقت طويل إثر ذلك حتّى عزا الح ش ص فساد موظفي حكومته إلى محاولات الرأسماليين. وبالتالي أطلق في 1952 "حملة الأضداد الخمسة": ضدّ الفساد والتهرّب من الضريبة، والسطو على الممتلكات العامّة، واختلاس أموال الدولة، والتجسّس على المعلومات الاقتصادية للدولة.
"حملة الأضداد الخمسة" تمثلت بالأساس في نهب ممتلكات الرأسماليّين أو بالأحرى قتل الرأسماليّين للاستيلاء على أموالهم. كلّ مساء، كان سان يي ـ رئيس بلدية شانغهاي في ذلك الوقت ـ يستفسر وهو جالس على الأريكة، وفنجان الشاي في يده، عن تقدّم العمليّات. كلّ مساء كان يسأل بلا مبالاة :"كم من مظلـّي سجّلتم اليوم ؟" يعني بذلك : كم من رجل أعمال انتحر اليوم مُلقيًا نفسه من سطح بناية شاهقة ؟ لم يُفلت أيّ رأسماليّ من "حملة الأضداد الخمسة". كان يُطلـَبُ منهم أن يدفعوا ضرائب "مسروقة" يعود عهدها إلى فترة غوانغسو (1875 ـ 1905) من عهد حكم سلالة التشينغ (1644 ـ 1911) عندما تأسّس السوق التجاري لشانغهاي أوّل مرّة. رغم ما لديهم من أموال وموارد، لم يكن بوسع الرأسماليين أن يدفعوا مثل هذه "الضرائب". لم يكن لديهم خيار آخر سوى وضع حدّ لحياتهم، ولكنهم لم يكونوا يجرؤون حتّى على رمي أنفسهم في نهر هوانغبو، لأنه إن لم يقع العثور على جثثهم فإنّ الحكومة كانت ستتهمهم بالهرب إلى هونغ كونغ وسيكون على أفراد عائلاتهم أن يتحمّلوا مسؤولية تلك الضرائب. لذلك كان الرأسماليون يفضّلون أن يرموا بأنفسهم من سطوح البنايات، تاركين للح ش ص أجسادهم دليلاً على موتهم. يُروى أنه في تلك الفترة في شانغهاي كان الناس لا يجرؤون على المشي بمحاذاة البنايات العالية خوفًا من أن يسقط عليهم أحد القافزين من النوافذ.
حسب وقائع الحملة السياسية بعد تأسيس الجمهورية الشعبية بالصين، والتي نشرتها أربعة أقسام حكومية من بينها مركز الدراسات التاريخية ببيكين في 1996، أثناء حملتيْ "الأضداد الثلاثة" و"الأضداد الخمسة"، تمّ إيقاف أكثر من 323,100 شخص وأكثر من 280 انتحروا أو اختفوْا. أثناء حملة "ضدّ هوفانغ" في 1955، تمّ اتّهام أكثر من 5000 وإيقاف أكثر من 500، أكثر من 60 انتحروا و12 ماتوا ميتة غير طبيعية. أثناء ما تلى ذلك من قمع للرجعيّين، تمّ إعدام أكثر من 21,300 شخص، وأكثر من 4300 انتحروا أو فـُـقِدوا [11].
3- المجاعة الكبرى
أكبر نسبة وفيّات سُجّلت في الصين كانت أثناء المجاعة الكبرى، والتي تلت القفزة الكبرى إلى الأمام بوقت قصير [12]. هناك مقال بعنوان "المجاعة الكبرى" في كتاب الأرشيفات التاريخية للجمهورية الشعبية بالصين، والذي نشِرَ سنة 1994. يُصرّح هذا المقال بأنّ "عدد الوفيّات غير الطبيعية وتقلـّص عدد الولادات بين سنتي 1959 و 1961 يُقدّرُ بـ 40 مليون [...] لا بدّ أنّ هلاك 40 مليون شخص من الشعب يمثل أكبر مجاعة في تاريخ العالم" [13].
لقد شوّه الح ش ص حقيقة المجاعة الكبرى، واختلق ما يُسمّى بـ "السنين الثلاث للكوارث الطبيعية". في الواقع، تلك السنين الثلاث شهدت ظروفًا مناخيّة وطبيعيّة طيّبة ؛ لم يحدث فيها فياضانات كبيرة، ولا جفاف، ولا عواصف، ولا سيول جارفة، ولم يحدث أيّ زلزال، ولا جليد، ولا موجات برد شديدة، ولابَرَد، ولا أسراب جرادٍ. كلّ "الكارثة" كانت من صنع الإنسان. حملة القفزة الكبرى إلى الأمام كانت تريد أن ينخرط كلّ شخص في الصين في صناعة الصلب، وهكذا أجبِرَ الفلاّحون على إهمال محاصيلهم وتركها تتلف على عين المكان في الحقول. ورغم ذلك زاد الموظفون في كلّ منطقة في طلباتهم من إنتاج المحاصيل. هو ييوان، الأمين العام الأول لقسم شرطة لجنة الح ش ص في عمادة ليوجو، اخترع أمرًا غير معقول :"نسبة 65,000 كيلو أرزّ في المو الواحد" في مقاطعة هوانجيانغ [14]. حدث هذا مباشرة إثر الجلسة المكتملة بلوشان، وعندما كانت حملة قمع الجناح الأيمن في أوجها في كامل البلاد، بهدف إثبات أنّ الح ش ص دائمًا على حقّ، صُودِرَ المحصول من طرف الحكومة على شكل ضرائب مبنيّة على نِسب الإنتاج تلك ـ المُبالغ فيها. وبالتالي فإنّ حصص الحبوب والموادّ الأساسية صُودرت بأكملها من المُزارعين. وعندما ظلـّت لا تفي بالطلب، اتّهموا المزارعين بإخفاء المحاصيل.
كان هي ييوان يقول أنه رغم عدد الناس الذين كانوا يموتون بليوجو فإنه يظلّ عليهم أن يُحاولوا جهدهم أن يتصدّروا المرتبة الأولى في السباق نحو مردوديّة الإنتاج. بعض المُزارعين حُرموا من كلّ شيءٍ، ولم يبق لديهم سوى بضع حفناتٍ من الأرزّ أخفوْها في سطل الاستراحة. ووصل الأمر إلى أنّ لجنة الحزب في إقليم سونلوه، إقليم هوانجيان، أصدرت أمرًا يمنع الطبخ، لكي يمنعوا القرويين من أكل محاصيلهم. كانت هناك دوريّات تجوب الأرياف أثناء الليل. إن لمحوا ضوء نار، كانوا يقومون بدهم المنازل والتفتيش. الكثير من القرويين لم يعودوا يجرؤون حتّى على طبخ الخضار البرّية أو قشور الخضار وماتوا جوعًا.
على مرّ التاريخ، كانت الحكومات أثناء فترات المجاعة، تمدّ الناس بحساء الأرزّ، وتوزّع المحاصيل، وتسمح للضحايا بالرحيل للهرب من المجاعة. ولكنّ الح ش ص كان يعتبر الهرب من المجاعة إهانة لكبرياء الحزب، لذا كان يأمر الدوريّات بسدّ الطرقات لمنع الضحايا من الهرب من المجاعة. كان كلّ شخص يُقبَضُ عليه وهو بصدد أخذ حبوبٍ من مستودع الحبوب يُنعَت بأنه "عدوّ الثورة" ويُقتـَل رميًا بالرصاص. كان الفلاّحون يهلـَكون شيئًا فشيئًا في مقاطعات غانسو، شاندونغ، هينان، آنهوي، هوباي، هونان، سيشوان، وغوانغسي. ورغم ذلك كان يتمّ إرغامهم على المشاركة في أعمال الريّ، وبناء السدود، وصنع الصلب. الكثير منهم كان يتهاوى ولا ينهض بعدها أبدًا. كانت عائلاتٌ من الفلاّحين تموت بأسرها. والباقون على قيد الحياة لم تكن لديهم القوّة لدفن موتاهم. قـُرًى بأكملها اضمحلـّت، إذ كانت العائلات تموت من الجوع واحدة تلو الأخرى.
قبل وصول الح ش ص إلى السلطة، وأثناء أخطر المجاعات في تاريخ الصين، كانت العائلات تتبادل أطفالها مقابل الطعام، ولكن لم يحدث أبدًا أن يأكل أحدهم أطفاله. تحت حكم الح ش ص بلغ الأمر بالناس إلى أكل الموتى، وإلى قتل أولئك القادمين من مناطق أخرى وأكلهم، وحتّى إلى أكل أطفالهم فلذات أكبادهم. وصف الكاتب شاتشينغ المشهد التالي في كتابه يي سي دا دي وان (الأرض المظلمة : باي دا دي) : في إحدى عائلات الفلاّحين، كان هناك أب يعيش وحيدًا مع ابنه وابنته. وذات يوم طرد ابنته خارج المنزل. وعندما عادت لم تجد أخاها الصغير، ولكنها رأت بعض الزيت طافيًا على القدر وكومة من العظام بجانب الموقد. وبعد بضعة أيام، وضع الأب ماءًا في القدر وطلب من ابنته أن تقترب، فارتاعت الطفلة واختبأت وراء الباب وتوسّلت لأبيها :"أرجوك يا أبي لا تأكلني. أستطيع أن أذهب لأحتطب وأطهو لك. إن أكلتني من سيقوم بهذه الشؤون من أجلك ؟"
في النهاية لا نعرف حقـّا مدى الكوارث ولا عدد المآسي التي مثل هذه المأساة تحت حكم الح ش ص، ورغم ذلك نجد هذا الأخير يُشوّه الحقائق، ويُحوّلها إلى مفاخر، زاعمًا أنه يدفع الناس ليُكافحوا بشجاعة "الكوارث الطبيعية" ومُستمرّا في التباهي بأنه "عظيم، ومجيد، وعادل".
بعد الجلسة المكتملة بلوشان في 1959، أقيلَ الجنرال بانغ دوهواي [15] من مهامّه لأنه ناصر اشعب. كذلك بالنسبة لمجموعة من الموظفين وأعوان الحكومة الذين تجرّؤوا على قول الحقيقة : أطرِدَ بعضهم، واعتـُقِل البعض الآخر وخضع لأبحاثٍ. ولم يجرؤ أحدٌ بعد ذلك عن التعبير عن رأيه. في فترة المجاعة الكبرى، عوض أن ينقلوا الحقيقة، أخفوْا عدد القتلى جرّاء المجاعة حفاظا على مراكز عملهم. بل إنّ مقاطعة غانسو رفضت مساعدة غذائيّة من مقاطعة شآنسي وادّعت أنّ لديها فائضًا من الغذاء بغانسو.
هذه المجاعة الكبرى كانت أيضًا اختبارًا لإطارات الحزب : إن صمدوا ولم يستسلموا للرغبىة في قول الحقيقة إزاء عشرات الملايين من الناس الذين يموتون جوعًا، كانوا يبلغون مقاييس الح ش ص. هذا الأخير كان يتيقن حينها أنه ما من شيءٍ ـ لا المشاعر الإنسانية ولا المبادئ السماوية ـ عاد بإمكانه أن يُحوّل وجهتهم عن خط سير الحزب. بعد المجاعة الكبرى، شارك الموظفون المسؤولون عن المقاطعات بكلّ بساطة في بروتوكول النقد الذاتي. لي تينغتشوان، وهو أمين الح ش ص في مقاطعة سيشوان ـ حيث قضى ملايين الأشخاص جوعًا ـ رُقّي إلى منصب أمين أوّل لقسم إقليم الجنوب الغربي لدى الح ش ص.
4- من الثورة الثقافية إلى مجزرة ساحة تيانانمن وإلى الفالون غونغ
الثورة الثقافية أطلقت رسميّا في 16 مايو 1966 ودامت إلى حدود 1976. سُمّيت هذه الفترة "السنين الكارثية العشر" حتّى من طرف الح ش ص نفسه. أثناء حوار أجراه معه صحفيّ يوغسلافيّ، صرّح الأمين العامّ السابق للحزب، هو ياووبانغ :"في تلك الفترة، كان 100 مليون شخص تقريبًا ضالعين (متورّطين)، وهي نسبة تمثل عُشر الشعب الصيني."
وقائع الحملات السياسية بعد تأسيس الجمهورية الشعبية بالصين، والتي جمّعها مركز البحث التاريخي التابع للح ش ص، تذكر ما يلي :"في مايو من سنة 1984، وبعد 31 شهرًا من الأبحاث المُكثفة، من المعاينة والإحصاءات المستمرّة التي قامت بها اللجنة المركزية، فإنّ الأرقام المتعلقة بالثورة الثقافية هي كما يلي : 4,2 مليون شخص اعتـُقِلوا وخضعوا لأبحاث، 1,7 مليون شخص ماتوا ميتة غير طبيعية، 135,000 شخص لُـقّبوا بـ "أعداء الثورة" وأعدِموا، 23,700 شخص قـُتِلوا، 7,03 شخص أصيبوا بعاهة مُستديمة جرّاء هجومات مسلحة، و71,200 عائلت تفكّكت." تبرز الإحصائيات المُجمّعة على مستوى المقاطعة أنّ 7,73 ملايين شخص ماتوا ميتة غير طبيعية أثناء الثورة الثقافية.
بالإضافة إلى الناس الذين ضُربوا حتّى الموت، أثارت بداية الثورة الثقافية أيضًا موجاتٍ من الانتحار. إنه في تلك الفترة حيث نجد أنّ كثيرًا من كبار المثقفين مثل لاوو شو، فولاي، جيان بوزان، ووهان، وشو آنبينغ وضعوا حدّا لحياتهم.
كانت الثورة الثقافية أكثر فترة يسارية تقترب من الجنون. أصبح القتل وسيلة منافسة يُظهر الشخص من خلالها وضعيّته الثورية والطرق المستعملة للقضاء على "الأعداء الطبقيين" كانت قاسية وعنيفة إلى أقصى حدّ.
سهّلت سياسة "الإصلاح والانفتاح" مرور المعلومة، الأمر الذي خوّل لبعض الصحفيين الأجانب أن يكونوا شهود عيان على مجزرة ساحة تيانانمن، وأن يبثوا الصور التي نرى فيها دبابات تدوسُ طلاّبًا على قيد الحياة.
عشر سنين بعدها، وفي 20 يوليو 1999، أطلق جيانغ زمين قمعه للفالون غونغ. مع نهاية 2002، أكّدت مصادر آتية من الحكومة الصينية أنّ عدد القتلى الغير مُصرّح بهم يتجاوز 7000 في مراكز الاعتقال، ومخيّمات العمل الإجباري، والسجون، ومستشفيات الأمراض العقلية، مع معدّل يصل إلى 7 قتلى كلّ يوم.
اليوم، يبدو أنّ الح ش ص يقتل بنسبة أقلّ بكثير من الماضي حيث كان الملايين، بل عشرات الملايين يُقتَلون. هناك سببان وراء هذا الأمر : الأول هو أنّ ثقافة الحزب قد شوّهت روح الصينيين، وأصبحوا مُستسلمين خاضعين ومُتشائمين. والسبب الثاني هو أنه بسبب الفساد المُشط والغشّ والتدليس بين موظفي الحكومة الصينية، أصبح الاقتصاد الصيني "اقتصادًا تحت الحقن" يتوقف على رؤوس الأموال الأجنبية ليحقق النموّ الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. العقوبات الاقتصادية التي تلت مجزرة ساحة تيانانمن لا زالت راسخة في ذاكرة الح ش ص وهو يعلم أنّ القتل العلنيّ من شأنه أن يُسبّب انسحاب رؤوس الأموال الأجنبية وربّما يضع نظامه الشموليّ في خطر.
في الحقيقة، لم يكفّ الح ش ص أبدًا عن تقتيل الناس. الفرق هو أنه الآن يتفانى في إخفاء مسرح الجريمة.
II. طرق في القتل على غاية من القسوة
كلّ ما يفعله الح ش ص لا يخدم سوى غاية واحدة : الحصول على السلطة والحفاظ عليها. القتل بالنسبة للح ش ص هو وسيلة أساسية للحفاظ على السلطة. كلما قـُتِل عدد أكبر من الناس وكلما كانت الطرق المُستعملة قاسية، كلما نجح ذلك أكثر في ترويع الناس. لقد بدأ هذا الرعب حتّى قبل الحرب الصينية ـ اليابانية.
1- المجازر في شمال الصين أثناء الحرب الصينية ـ اليابانية
كان الرئيس الأسبق للولايات المتحدة ـ هوفرـ يوصي بقراءة كتاب "العدوّ الداخليّ" من تأليف الأب ريمون دوجاغر [16] والكاتبة الأمريكية إيرين كوربالي كون، قائلاً أنّ هذا الكتاب يصوّر تصويرًا مجرّدًا رعب الحركات الشيوعية. كان يرى أنّ كلّ شخص يُريد أن يفهم فيم تتمثل تلك القوّة الشريرة الموجودة في العالم، عليه بقراءة ذلك الكتاب.
في هذا الكتاب يروي المؤلفان دوجاغر و كون حكايات تصوّر كيفيّة استعمال الح ش ص للعنف لترويع الناس وإرغامهم على الخضوع. مثلاً في أحد الأيام، طلب الح ش ص أن يتوجّه جميع السكان إلى ساحة القرية. وأن يصطحب المدرّسون أيضًا تلاميذهم إلى الساحة. كان الهدف من هذا التجمّع هو مشاهدة عمليّة تنفيذ الإعدام في 13 من الشبّان الوطنيين. وبعد الإعلان عن التهم المُفبركة والمُلفقة للضحايا، أمر الح ش ص مُدرّسة التلاميذ ـ وقد تملك الرعب قلبها ـ أن تجعل التلاميذ يُنشدون أناشيد وطنية. أمامهم على الساحة لم يكن هناك راقصون ليرافقوا الأناشيد برقصهم، بل جلاّد يُمسك بسكّين مشحوذ. لقد كان جنديّا شيوعيّا ذو عضلات مفتولة، قويّا وعديم الرحمة.
اتجه الجندي خلف الضحيّة الأولى ورفع بسرعة سكّينه الكبير وضرب إلى الأسفل، وسقط الرأس الأول..وانبثق الدم كما لو من نافورة بينما كان الرأس يتدحرج على الأرض، وأخذ النشيد الهستيري للتلاميذ يتحول إلى صراخ وبكاء. وكانت المدرسة تواصل توقيع النغم مُحاولة ألاّ ينقطع النشيد، ولكنّ جرسها كان يرنّ وسط الصخب والفوضى.
لقد ضرب الجلاّد 13 مرّة وسقط 13 رأسًا. إثر ذلك، أقبل كثير من الجنود الشيوعيين وشقّوا صدور الضحايا لينتزعوا قلوبهم، ويحتفلوا. كلّ هذه الفظائع جرت على مرأىً ومسمع من التلاميذ. لقد اصفرّت وجوههم رعبًا، والبعض منهم أخذ يتقيّأ. وصاحت المدرّسة على الجنود، ثمّ صفّت التلاميذ في طوابير وعادت بهم إلى المدرسة.
بعد تلك الحادثة، رأى الأب دوجاغر عديد المرات أطفالاً يُرغـَمون على مشاهدة الناس يقتتلون. وتعوّد الأطفال على المجازر الدامية، بل وحتّى أنّ بعضهم أصبح يستمتع بتلك المشاهد. ثمّ بدأ الح ش ص يفكّر أنّ مجرّد القتل لم يكن مُرعبًا ومُثيرًا بما فيه الكفاية، فابتدع شتـّى أصناف التعذيب القاسية. من ذلك إرغام الشخص على ابتلاع كمّية كبيرة من الملح وعدم السماح له بشرب الماء ـ فكانت الضحيّة تتعذب إلى أن تموت عطشًا في النهاية، أو تجريد الضحيّة من ملابسها وجعلها تتمرّغ على قطع من الزجاج المكسور، أو حفر حفرة في جليد نهر مُتجمّد في الشتاء، ورمي الضحيّة هنالك ـ كانت الضحيّة تموت مُتجمّدة أو غريقة.
كما روى دوجاغر وكون أيضًا كيف أنّ عضوًا في الح ش ص من مقاطعة شآنسي اخترع طريقة تعذيب مروّعة. ذات يوم وبينما كان يتجوّل في المدينة، توقف أمام مطعم وأخذ يتأمّل آنية كبيرة ملآنة ماءًا مغليّا. وبعد مرور فترة على ذلك، اشترى عددًا من القدور العملاقة، قبل أن يعتقل بعض أعداء الشيوعية. أثناء المحاكمة الجائرة، أمر بتلك القدور فمُلئت بالماء وسُخّنت إلى درجة الغليان. وبعد المحاكمة جُرّد ثلاثة ضحايا من ملابسهم وألقي بهم في تلك القدور حيث ماتوا حرقًا. وفي بينغشا، رأى دوجاغر أبًا يُسلـَخُ حيّا تحت أنظار ابنه. كان أعضاء الح ش ص قد أجبروا الابن على مشاهدة والده وهو يموت وسط آلام فظيعة وعلى سماع صراخه. لقد صبّوا خلاّ ومادّة حامضة على جسم الأب لينزعوا جلده. بدؤوا بالظهر، ثمّ الكتفين، وسُرعان ما انتـُزع باقي الجلد الذي يغطي جسمه، ولم يبق سوى جلد الرأس. وما هي إلاّ دقائق حتّى مات الرجل.
2- الرعب الأحمر أثناء "أغسطس الأحمر" ووحشيّة غوانغسي
بعد أن تأكّد الح ش ص من سيطرته التامّة على البلاد، لم يوقف رغم ذلك عنفه. بل أنه أثناء الثورة الثقافية زاد العنف حدّة.
في أغسطس 1966، التقى ماوو تسي تونغ بممثلين عن الحرس الأحمر في قلعة ساحة تيانانمن، فتقدّمت سونغ بينبين ـ ابنة المسؤول الشيوعي سونغ رنتشيونغ ـ نحو ماوو تسي تونغ وأهدته ساعِدة موشّاة بشعار الحرس الأحمر. وعندما عرف ماوو اسمها : سونغ بينبين، والذي يعني "طيّبة ومهذبة"، قال :"بودّنا المزيد من العنف". فأبدل سونغ اسمها إلى "سونغ ياو وو" والذي يعني حرفيّا : تحبّ العنف.
استشرت الهجومات المسلحة في كامل البلاد. وكان الجيل الأصغر الذي نشأ وتربّى على الإلحاد، لا يخاف ولا يخشى من شيءٍ. تحت زعامة الح ش ص وبقيادة توجيهات ماوو، بدأ أعوان الحرس الأحمر المتعصّبين، الجهلة، والواضعين أنفسهم فوق كلّ قانون، يضربون الناس، وينهبون مساكنهم، في كامل أنحاء الصين. في مناطق عديدة، كانت "الطبقات السوداء الخمس" (مالكو الأراضي والفلاّحون الأثرياء والرجعيّون والعناصر السيّئة واليمينيّون) تتعرّض للتصفية التامةـ هي وعائلاتها ـ في ظلّ سياسة دمويّة قائمة على القتل. المثال التالي هو مثال نموذجيّ : في مقاطعة دايسينغ قرب بيكين، قـُتِل 325 شخصًا في 48 محافظة في 13 قرية، وذلك فقط في الفترة الممتدّة بين 27 أغسطس و 1 سبتمبر 1966. أكبر الضّحايا سنّا كان عمرها 80 سنة وأصغرها لا يتجاوز 38 يومًا. قـُتِلت 22 أسرة بأكملها، دون أن يبقى منها أحدٌ.
"كان من المألوف أن ترى أحدًا يموت ضربًا في ساحة شارع شاتان، كانت هناك مجموعة من الحرس الأحمر يعذبون سيدة مُسنّة مستعملين سلاسل حديدية وأحزمة جلدية، إلى أن أصبحت عاجزة تمامًا عن الحركة. ورغم ذلك واصلت جنديّة من الحرس الأحمر تعذيبها، إذ أخذت تثبُ بقوّة على بطنها لتدقّ معدتها، فماتت السيدة المُسنّة على الفور. بالقرب من شونغواننغ، كان الحرس الأحمر يفتّشون منزل "زوجة مالك أراض"ـ وهي أرملة تعيش بمفردها. ثمّ أجبروا كلّ جار أن يُحضر وعاءًا فيه قليل من الماء المغليّ، وصبّوا ذلك الماء المغليّ شيئًا فشيئًا من ياقة الامرأة المُسنّة إلى صار جسدها وكأنه مطبوخ. وبعد عدّة أيّام وُجدت تلك الامرأة ميّتة على عين المكان، والدود ينهمر من جسمها [...] كانت هناك طرق متعدّدة ومختلفة للقتل منها : القتل ضربًا بالهراوة، قطع الرأس بالمنجل، الخنق بالحبال..الخ [...] أبشع طريقة كانت طريقة قتل الأطفال صغيري السنّ : كان القاتل يمشي على إحدى سيقان الطفل ويجذب بقوّة الساق الأخرى، وهكذا يُقطـّع أوصال الرضيع. (التحقيق في مجزرة داسينغ بقلم يو لووان) [17].
ولكن ما فاق مجزرة داسينغ وحشيّة وفظاعة كان أكل لحم الإنسان في غوانغسي. فيما يلي مقطع من كتاب يصف فيه الكاتب جانغ يي أكل لحم الإنسان في غوانغسي ؛ والحادثة هنا تنقسم إلى ثلاثة مراحل [18]:
في المرحلة الأولى كانت الفظاعة مُتستّرة ومُرعبة. نجد في أرشيفات الإقليم المشهد النموذجي التالي : مع منتصف الليل يتسلل القتلة يمشون على أطراف أقدامهم باتـّجاه ضحاياهم لكي يفتحوا بطونهم وينتزعوا منها القلب والكبد. كانوا في البداية خائفين وتنقصهم التجربة، لذلك حصل وأن أخطأوا وأخذوا بدل ذلك الرئتين. ثمّ عادوا أدراجهم. ولمّا طبخوا القلب والكبد، أحضر بعضهم مشروبات كحوليّة من منزله، وأحضر البعض الآخر شيئًا من التوابل، ثمّ أكل جميع القتلة تلك الأعضاء البشرية في صمتٍ، على ضوء نور ضئيل مُنبعث من نار الفرن.
المرحلة الثانية كانت أوج فترة أكل لحم الإنسان في غوانغسي، فترة كانت فيها الفظاعة علنيّة وعامّة. في تلك الفترة، اكتسب القتلة خبرة ومهارة في كيفيّة انتزاع قلب الضحيّة وكبدها بينما لا تزال على قيد الحياة، وكانوا أيضًا يُلقنون ذلك للآخرين، ويُحاولون أن يُحسّنوا تقنياتهم ويُبلوروها. مثلاً عندما يتعلق الأمر بفتح بطن إنسان حيّ، كان يكفي أن يقوموا بشقّ على شكل صليبٍ على مستوى البطن، ثمّ بالقفز على جسمه (وإن كانت الضحيّة مُوثقة إلى شجرة، كانوا يُعطونها ضربة بالرجل في أسفل البطن) فكان القلب والأعضاء الأخرى تخرج تلقائيّا. كان القلب والكبد والأعضاء التناسليّة من نصيب زعيم القتلة، بينما يأخذ الآخرون البقيّة. كانت هذه المشاهد الفظيعة الوحشية تتمّ تحت خفق الأعلام والشعارات.
المرحلة الثالثة كانت فترة الجنون الشيطاني، وذلك عندما أصبح أكل لحم الإنسان حركة منتشرة بشكل كبير. في إقليم ووشان، كان الناس يأكلون لحم إخوانهم الآدميين بنهمٍ، مثل الكلاب البرّية التي ترتمي على الجثث في فترات الأوبئة. كثيرًا ما كان الأمر يتمّ بالشكل التالي : كانت الضحيّة أوّلاً تخضع لما يُسمّى بـ "النقد العامّ"، ويلي ذلك مباشرة ً القتل، ويليه مباشرة ً أكل لحم الإنسان. ما إن تسقط الضحيّة، ميّتة كانت أم حيّة، يُخرج الناس السكاكين التي أحضروها ويُحيطون بالضحيّة، كلّ يقتطعُ ما أمكن له من الأجزاء. في تلك المرحلة، كان كلّ المواطنين الصينيين ضالعين في أكل لحم الإنسان. "صراع الطبقات"، مثل إعصار جامح، كان يكنس من النفوس والضمائر كلّ شعور بالخطيئة وكلّ إحساس إنسانيّ. لقد انتشر أكل لحم الإنسان مثل الوباء، وأصبح الناس يجدون متعة ً في هذه الاحتفالات الوحشية. كلّ قطعة من الجسم البشري كانت طيّبة ومستساغة، بما في ذلك القلب، العضلات، الكبد، الكِلى، المرفقين، القدمين، والوتر. كانت الأجساد تُطهى بطرق مختلفة : مغليّة، بالبخار، مطبوخة، مقليّة، أو مشويّة. كان الناس يشربون مشروبات كحوليّة قويّة أو خمرًا، ويلهون ويمرحون وهم يأكلون لحم البشر. في أوج تلك الفترة، حتّى الكافيتيريا التابعة لأعلى تنظيم حكوميّ، اللجنة الثورية بإقليم ووسون، كانت تقدّم أطباقًا من اللحم البشريّ.
نرجو ألاّ يذهب ظنّ القارئ إلى أنّ مثل تلك الاحتفالات الوحشية التي يتمّ فيها أكل اللحم الآدميّ كانت لا تعدو أن تكون تصرّفًا همجيّا وغير مُمنهج. كان نظام الح ش ص يُمثل تنظيمًا شموليّا لا تغفل أنظاره عن أيّ خليّة في المجتمع. دون تشجيعات الح ش ص وتسييره الخفيّ، لم تكن حركة أكل لحم الإنسان هذه لتظهر.
هناك أغنية ألّفها الح ش ص يمتدح فيها نفسه تقول كلماتها :"المجتمع القديم [19] حوّل البشر إلى أشباح، والمجتمع الجديد حوّل الأشباح إلى بشر"... ولكن نحن نرى بوضوح هنا من خلال هذه المجازر وطقوس العربدة الوحشية أنّ الح ش ص يستطيع أن يحوّل الإنسان إلى وحش أو شيطان، لأنّ الح ش ص في حدّ ذاته أقسى من أيّ وحش وأيّ شيطان.
3- اضطهاد الفالون غونغ
عندما دخل الصينيون عصر الحواسيب والرحلات الفضائية، وعندما أصبحوا يتحدثون على انفراد عن حقوق الإنسان، عن الحرّية والديموقراطية، ظنّوا أنهم ودّعوا فظاعة القتل وتركوها بعيدًا وراءهم. لقد ارتدى الح ش ص ثوبًا متمدّنًا عصريّا وهاهو مستعدّ للتواصل مع العالم.
ولكن ليست تلك الحقيقة للأسف. عندما اكتشف الح ش ص وجود مجموعة لا تهابُ تعذيبه القاسي وجرائمه، لم تزدد طرق السيطرة والمراقبة لديه إلاّ حدّة وكثافة. هذه المجموعة التي أصبحت هدفًا للاضطهاد هي الفالون غونغ.
إن كانت قسوة الحرس الأحمر وأكل لحم الإنسان في مقاطعة غوانغسي يهدفان إلى القضاء على أجساد الضحايا، الذين كانوا يُقتلون في ظرف دقائق أو ساعات، نستطيع القول أنّ اضطهاد ممارسي الفالون غونغ يهدف إلى جعلهم يتخلـّون عن اعتقادهم في "الحق والرحمة والصبر". أمّا التعذيب فيمكن أن يمتدّ على أيام بحالها، شهور، أو حتّى سنواتٍ. يُقدّر أنّ أكثر من 10,000 ممارس ماتوا تحت التعذيب إلى يومنا هذا.
ممارسو الفالون غونغ الذين ذاقوا مختلف أصناف التعذيب والذين نجوْا من الموت تحدّثوا عن أكثر من 100 طريقة تعذيب مختلفة. فيما يلي بعض الأمثلة على سبيل الذكر لا الحصر :
أكثر الطرق شيوعًا في معاملة ممارسي الفالون غونغ هي الضرب المبرّح. الشرطة والمساجين الأكثر غلظة يضربون مباشرة ً الممارسين، كما يُحرّضون مساجين آخرين على فعل نفس الشيء. تحت وقع الضرب، كثير من الممارسين أصيبوا بالصمم، أغشية آذانهم الخارجية تمزقت، محاجرهم غاصت، أسنانهم انكسرت، حسب الحالات أصيب فيهم من أصيب بكسر في الجمجمة، أو العمود الفقري، أو القفص الصدري، أو الترقوة، أو الحوض، أو الذراعين، أو الساقين. هناك أيضًا من قـُطعت ذراعه أو ساقه. هناك مُعذّبون رفسوا خصيتي الرجال وضربوا بأقدامهم الأعضاء التناسلية للنساء. إن لم يُرد الممارسون التخلي عن اعتقادهم، يُواصلون ضربهم إلى أن يتمزق الجلد، أو تعمّ أبدانهم جروح فاغرة. تحت التعذيب يتشوّه جسد بعض الممارسين تمامًا ويكتسي بالدم، ولكن الحرّاس يواصلون تعذيبهم إذ يرشونهم بماء مالح أو يضربونهم بالعصيّ الكهربائية. رائحة الدم واللحم المحترق مُختلطة بصيحات الألم الشديد أو الاحتضار هو أمر لا يُطاق. يستعمل المُعذبون أيضًا أكياسًا بلاستيكية يُغطون بها رؤوس الضحايا، بنيّة أن يستسلم الممارسون خوفًا من الموت اختناقًا.
الصدمات الكهربائية تمثل طريقة أخرى مُستعملة بكثرة في معسكرات الاعتقال الصينية لتعذيب ممارسي الفالون غونغ. إذ تصعق الشرطة بالعصا الكهربائية الأماكن الحساسة في جسدهم كالفم، وقمة الرأس، والأضلاع، والأعضاء التناسلية، والمؤخرة، والفخذين، وأسفل القدمين، صدور النساء، وذكور الرجال. بعض أعوان الشرطة يجتمعون كلهم على ممارس واحد يصعقونه جميعًا بالعصيّ الكهربائية في نفس الوقت. في مثل هذه الحالة تنتشر في النهاية رائحة اللحم المحترق، والأماكن المُصابة تصبح بنفسجية اللون أو سوداء. أحيانًا يصعقون بالكهرباء رأس الضحيّة وعانتها في نفس الوقت. في كثير من الأحيان، يستعمل الشرطة عشر عصيّ كهربائية، وحتّى أكثر، معًا في نفس الوقت، ويضربون بها الضحيّة مدّة زمنية طويلة. من المفروض أنّ عصًا كهربائية واحدة تـُحدث تيّارًا كهربائيّا قوّته عشرات آلاف الفولت. عندما نشعلها، تـُرسل نورًا أزرق وتـُحدث صوتـًا كهربائيّا. عندما يسري التيّار في جسد الشخص، يُحسّ هذا الأخير كأنه يحترق أو كأن الثعابين تلدغه. كلّ صدمة تضاهي في الألم لدغة الثعبان. أمّا جلد الضحيّة فهو يحمرّ، ثمّ يتشقق، ثمّ يحترق، ثمّ يتقيّح. بعض الهراوات الكهربائية قويّة إلى درجة أنّ قوّة الفولت الشديدة تجعل الضحيّة تحسّ وكأنها تـُضرَبُ بالمطرقة.
يستعمل أيضًا الشرطة أيضًا السجائر المشتعلة ليحرقوا أصابعهم، وجوههم، أسفل أقدامهم، أضلاعهم، ظهورهم، حلمات أثدائهم...الخ، كما يحرقون بالقدّاحات أيديهم وأعضاءهم التناسلية. يلجأون أيضًا إلى تسخين أعمدة خصوصيّة من الحديد في أفران كهربائية. ثمّ يحرقون سيقان الممارسين بالحديد الحامي. كما يستعمل الشرطة أيضًا فحمًا خشبيّا ملتهبًا ليحرقوا وجوه ضحاياهم. من بين الحالات كانت هناك حالة ممارس تعرّض لتعذيب وحشيّ ولكنه ظلّ يتنفّس وقلبه بقي يدقّ. لقد قتلوه حرقًا ثمّ ادّعوْا أنه انتحر حرقًا.
يضرب الشرطة النساء على صدورهن وأعضاءهنّ التناسلية. كما يغتصبوهنّ بشكل فرديّ أو جماعيّ. كما يستعملون أيضًا عصيّا كهربائية يصعقون بها صدورهنّ وأعضاءهنّ التناسلية، وقدّاحات يحرقون بها حلمات أثداءهنّ. كما أنهم يُدخلون عصيّا كهربائية في أرحامهنّ ليصعقوهنّ من الداخل. هناك حتّى حالات يشدّون فيها 4 فرشات أسنان إلى بعضها ويولجونها في رحم الممارسات، ثمّ يحرّكونها ويُديرونها ويفركون. كما يثقبون الأعضاء التناسلية للممارسات بواسطة مشكّات ومخاطف حديدية. إنهم يُوثقون أيديهنّ وراء ظهورهنّ ويربطون حول حلمات الثدي أسلاكًا معدنية ثمّ يُرسلون في تلك الأسلاك شحناتٍ كهربائية. أو أنهم يُجرّدوهنّ من ثيابهنّ ثمّ يرموهنّ في زنزازنة المساجين الذكور ليغتصبوهنّ.
إنهم يُرغمون ممارسي الفالون غونغ على ارتداء "القمصان الجبريّة" [20] ثمّ إنهم يعقدون أيديهم ويوثقونها وراء ظهورهم، ثمّ يجذبون أذرعهم مُرورًا بأكتافهم ليوصلوها أمام الرأس في مستوى علوّ الصدر، ثمّ يقيّدون أرجل الممارسين إلى إطار نافذة، وفي نفس الوقت يُكمّمون أفواههم بخرقةٍ ليمنعوهم من الصراخ ويضعون في آذانهم سمّاعاتٍ ليُسمعوهم تسجيلاتٍ فيها شتم لاذع للفالون غونغ. حسب شهود عيان، الناس الذين يتعرّضون لمثل هذا النوع من التعذيب ينتهي بهم المطاف إلى كسر في الذراعين وتمزّق في الوتر وخلع في الكتفين والمعصمين والمرفقين. أمّا أولئك الذين يتعرّضون لهذا التعذيب لفترة طويلة يُصابون بكسر في العمود الفقري ويموتون وسط آلام فظيعة.
من بين ما يفعلونه أيضًا هو رمي الممارسين في حُفر ملآنة بمياه قنوات التصريف، كذلك يُدخلون تحت أصابعهم أعوادًا من القصب، كما يُجبرونهم على العيش في حُجراتٍ رطبة، ذات أسقفٍ مغطاة بالعفونة، حمراء، وخضراء، وصفراء، وبيضاء تزيد من تقيّح جروحهم. كما أنهم يجعلون الكلاب تعضّ الممارسين والثعابين تلدغهم، ويحقنونهم بعقاقير تدمّر الجهاز العصبي. كلّ ما سبق ذكره لا يعدو أن يكون بعض الطرق المستعملة لتعذيب ممارسي الفالون غونغ في مخيّمات العمل الإجباريّ.
III. صراع دون هوادة داخل الحزب
يرتكز الح ش ص على مبادئ الحزب لا على الأخلاقيات والعدالة، لذلك فإنّ ولاء أعضاء الح ش ص، وخصوصًا كبار الموظفين ؛ وحتّى كبار المسؤولين والمُسيّرين هي مسألة هامّة ورئيسية. من هذا المنطلق يولي الح ش ص كلّ الاهتمام لخلق مناخ من الرعب، إذ يقتل أعضاءه أنفسهم، ممّا يُرسّخ في ظنّ الباقين أنّ الديكتاتور عندما يُريد قتل شخص مّا، فإنّ هذا الشخص لا يملك أيّ فرصة في النجاة.
إنّ الصراعات الداخلية بين الأحزاب الشيوعية معروفة كثيرًا. كلّ أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي الروسي في الفترتيْن الأولييْن ـ باستثناء لينين الذي كان ميّتًا وقتها وستالين نفسه ـ كلهم ماتوا إمّا إعدامًا أو انتحارًا. ثلاثة ماريشالات على خمسة تمّ إعدامهم، القوّاد العامّين العشرة للجيش الثاني أعدِموا و57 قائد فيلقٍ من بين 85 أعدِموا، و 110 قائد فرقٍة من بين 195 أعدِموا.
يدعو الح ش ص دومًا إلى "صراعات عنيفة وهجومات بلا رحمة". مثل تلك الأساليب لا تستهدف فقط الناس الذين لا ينتمون للحزب. منذ الفترة الثورية في مقاطعة جيانغسي، كان الح ش ص قد قتل عددًا كبيرًا من الناس المنتمين للرابطة المُعادية البولشيفية (الرابطة ض ب = ضدّ البولشيفية) [21] إلى درجة أنه قلائل فقط هم الذين بقوا على قيد الحياة وأمكن لهم الذهاب إلى الحرب فيما بعد. في مدينة يانآن، قاد الحزب حملة "تقويم وإصلاح". وما إن أرسى كيانه السياسي حتّى كان قد قضى على غاوو غانغ، راوو شوشي [22]، هو فانغ، وبانغ داهوي. في عهد الثورة الثقافية تقريبًا كلّ كبار الموظفين في الحزب تمّت تصفيتهم. ولا أيّ أمين عامّ سابق للح ش ص كانت نهايته سعيدة.
ليو شاوتشي، والذي هو رئيس صيني سابق، وكان في يوم من الأيّام الشخصيّة الثانية في البلاد، مات موتة ً مأساويّة. يوم عيد ميلاده السبعين، أمر ماوو تسي تونغ و جو آنلاي [23] خصّيصًا وانغ دونسينغ (رئيس حرس ماوو) أن يحمل هديّة عيد ميلاد لليو شاوتشي. الهديّة كانت عبارة عن راديو ليسمع ليو شاوتشي عبره التقرير الرسمي للدورة الثامنة الكاملة للجنة المركزية عدد 12 والذي جاء فيه ما يلي ":الخائن، والجاسوس، والمارق ليو شاوتشي مطرودٌ من الحزب بلا رجعة. استمرّوا في التنديد بليو شاوتشي وشركاءه من أجل جرائمهم المتمثلة في خيانة الأمانة والخيانة العظمى."
سبّب ذلك الخبر انهيارًا نفسيّا وعقليّا لليو شاوتشي، وتفاقم مرضه بسرعة. لقد أوثقوه إلى سرير مدّة طويلة ولم يسمحوا له بالحراك حتّى غطت القشور المتقيّحة رقبته، وظهره، ومؤخرته، وكعب قدميه. في أشدّ درجات عذابه، كان يُمسك بتلابيب شخص آخر، أو بأدباشه، أو بذراعه، ولا يتركها. في النهاية وضعوا في كلّ يد من يديه قارورة من البلاستيك الصلب. عندما فارق الحياة كانت كلّ قارورة ـ من أثر قبضته ـ قد أخذت شكل ساعة رمليّة.
في أكتوبر سنة 1969، كان جسد ليو شاوتشي قد أخذ في الانحلال وكان القيح يبعث رائحة كريهة قويّة. كان الرجل نحيلاً كقضبان سكّة حديدية وكان على شفا الموت. ولكنّ المفتشين الخاصّين باللجنة المركزية للحزب لم يسمحوا له بأخذ حمّام ولا بالتقلـّب في سريره لتغيير ملابسه، بل جرّدوه من ثيابه، ولفّوه في بطانية، وأرسلوه بالطائرة من بيكين إلى كايفنغ ليُسجَن في الطابق الأرضيّ لـ "بونكر". عندما كان يعاني من الحمّى الشديدة، لا فقط لم يكونوا يعطونه الأدوية، بل أيضًا نقلوا الفريق الطبّي إلى مكان آخر. عندما مات ليو شاوتشي كان جسمه قد تدهور كلـّيًا وشعره الأبيض بلغ سبعين سنتيمترًا من الطول. وبعد مرور يومين على وفاته، تمّ إحراق جثته على الساعة منتصف الليل كما درجت العادة على إحراق الناس المصابين بأمراض مُعدية وخطيرة. كذلك الأمر بالنسبة للحافه وغطاءه ومخدّته وكلّ ما تركه وراءه، أحرقت كلـّها. أمّا على شهادة وفاته فكـُتِب ما يلي الاسم : ليو وايهوانغ. العمل : دون عمل. أسباب الوفاة : مرض. لقد عذب الح ش ص رئيس البلاد السابق وقتله دون حتّى أن يُدلي بالأسباب.
VI. تصدير الثورة، قتل الناس خارج البلاد
زيادةً على قتله للناس داخل الصين بمختلف الطرق، ساهم الح ش ص أيضًا في مجازر بالخارج، وشمل ذلك الصينيين المنفيّين، بعبارة أخرى لقد "صدّر" الثورة. أحد الأمثلة النموذجية على ذلك هو مثال الخمير الحُمر.
لم تدم فترة حكم الخمير الحمر مع بول بوت في كمبوديا أكثر من 4 سنين. ومع ذلك في الفترة الممتدّة بين 1975 و 1978 (أي فترة لا تتجاوز ثلاث سنين)، قضى أكثر من مليوني شخص 200,000 منهم صينيّون، في هذا البلد الذي لا يعدّ سوى 8 ملايين شخص.
جرائم الخمير الحمر لا تحصى ولا تعدّ، نحن لن نستعرضها هنا ولكننا سنتحدّث عن علاقتهم بالح ش ص.
كان بول بوت يقدّس ماوو تسي تونغ. في بداية 1965، زار الصين أربع مرّات ليستمع إلى الدروس التي يُلقيها ماوو تسي تونغ شخصيّا. ثمّ مكث بول بوت في الصين ثلاثة أشهر ابتداءًا من نوفمبر 1965، وهناك تناقش مع شان بودا و جانغ شونتشياو حول نظريّات مثل "السلطة السياسية تنبني تحت فوّهة البندقية" و "صراع الطبقات" و "ديكتاتورية البروليتاريا"، الخ...والتي أصبحت لاحقـًا ركائز حكومته في كمبوديا. حال عودته إلى كمبوديا، غيّر بول بوت اسم حزبه ليصبح "الحزب الشيوعي الكمبودي" وأرسى قاعدة ثورية على منوال الح ش ص، وهو مُحاصرة المدن انطلاقـًا من الأرياف.
في 1968، كوّن الحزب الشيوعي الكمبودي جيشًا بصفة رسميّة. مع نهاية 1969، كان هذا الجيش يعدّ أكثر من 3000 عنصر. ولكن في 1975، وقبيل مهاجمة مدينة بنوم بنه واحتلالها، كان عبارة عن ميليشيا مُجهّزة كما ينبغي وقوّة عسكريّة قوامها 80,000 جنديّا. وتمّ هذا الأمر بفضل مساندة الح ش ص. هنالك كتاب من تأليف وانغ سيانغن يُدعى "وثائق عن مساندة الفياتنام والحرب ضدّ أمريكا" [24]، في هذا الكتاب يروي المؤلف أنّ الصين سنة 1970 أعطت بول بوت عُدّة عسكرية بما قدره 30,000 جنديّا. في أبريل 1975 احتلّ بول بوت عاصمة كمبوديا ؛ ثمّ إثر شهرين من ذلك رجع إلى بيكين ليزور الح ش ص ويستمع إلى تعليماته. من الواضح جدّا أنه بدون نظريّات الح ش ص ومساندته المعنويّة، لم تكن مجازر الخمير الحُمر لتحدث أبدًا.
نسوق مثالاً في هذا الصدد : بعد مقتل ولديْ الأمير سيهانوك من طرف الحزب الشيوعي الكمبودي، تلقى هذا الأخير أوامر من جو آنلاي بإرسال سيهانوك إلى بيكين، فامتثل للأمر بكلّ طاعة ولين. الكلّ يعلم أنّ الحزب الشيوعي الكمبودي عندما يقتل الناس فهو يقتل حتّى "الأجنّة في الأرحام" ليتفادى كلّ مشكلة يمكن أن تطرأ لاحقـًا. ولكن عندما أصدر جو آنلاي أمره، أطاع بول بوت دون نقاش.
لقد أنقذ جو آنلاي سيهانوك، ولكنّ الح ش ص لم يعترض على مقتل 200,000 صينيّ من طرف الحزب الشيوعي الكمبودي. في تلك الفترة قصد الكمبوديون الصينيون سفارة الصين هنالك طالبين منها العون ولكنها تجاهلت مطالبهم.
V. تدمير الأسرة
لا نملك أيّ وسيلة نحصي بها عدد الناس الذين قـُتِلوا في الحملات السياسية للح ش ص. ليس من الممكن أيضًا القيام بأبحاث إحصائية بين المواطنين، نظرًا للحصار المعلوماتي والحواجز القائمة بين مختلف المناطق، والجماعات العرقيّة، واللهجات المحلـّية. حكومة الح ش ص من جهتها لن تقوم أبدًا بمثل هذه الأبحاث على كلّ حال، لأنها ستكون كمن يحفر قبره بيده. لذلك هي تفضل غضّ النظر عن التفاصيل عندما يتعلق الأمر بكشف تاريخها الشخصي.
معرفة عدد الأسر التي دمّرها الحزب هو أمرٌ أصعب وأصعب. في بعض الحالات يكفي أن يموت فردٌ في الأسرة لتتمزّق كلّ الأسرة. في حالات أخرى تتشرذم عائلاتٌ بأكملها. هناك حالات كثيرة لم يُقتل فيها أحدٌ ولكنّ الزوجين اضطرّا للطلاق. واضطرّ الآباء والأبناء إلى التخلي عن الرابط الدموي الذي يجمعهم. بعضهم صار يعاني من إعاقة عضويّة، وبعضهم جُنّ، والبعض الآخر مات في سنّ الشباب متأثرًا بأمراض خطيرة جرّاء التعذيب. ومع ذلك تبقى أرشيفات هذه المآسي العائلية ناقصة غير تامّة.
أعلنت صحيفة أخبار إيوميوري الموجودة في اليابان أنّ نصف الشعب الصيني وقع تحت اضطهاد الح ش ص. إن كان الأمر كذلك يُمكن أن نقدّر عدد العائلات التي دمّرها الح ش ص بأكثر من 100 مليون.
مثال جانغ جيسين [25] هو مثال معروف جيّدًا، وكثيرًا ما يتحدّث الناس عمّا عاشته هذه المرأة. الكثيرون يعلمون أنها تعرّضت للتعذيب الجسدي، وللاغتصاب الجماعي، والاضطهاد النفسي. وفي النهاية اختلّ عقلها وقـُتِلت رميًا بالرصاص بعد أن قـُطِعت حنجرتها. ولكنّ الكثيرين لا يعلمون أنّ هناك قصّة وراء القصّة، قصّة أليمة جدّا. وحتّى أفراد أسرتها اضطرّوا للمشاركة في "دورات تعليمية لعائلات المحكوم عليهم بالإعدام".
فيما يلي جزءٌ من مذكّرات لين لين، ابنة جانغ جيسين :
في ربيع 1975،
في محكمة شانيانغ قال أحدهم بصوتٍ عالٍ :"أمّك عدوّة للثورة، صعبة المراس، وهي ترفض الإصلاح، وهي عنيدة وغير قابلة للإصلاح. إنها ضدّ زعيمنا الكبير ورئيسنا ماوو، وضدّ الأفكار التي لا تـُغلب لماوو تسي تونغ، وضدّ مسار الثورة البروليتارية لرئيسنا ماوو. جرائمها عديدة وحكومتنا تنوي تشديد العقوبة عليها. إن تمّ إعدامها ماذا ستكون ردّة فعلك ؟" لقد فاجأني السؤال ولم أدر ما أجيب...كان قلبي يتفطر ولكني تظاهرتُ بأني هادئة، وحبستُ دموعي. سبق وأن أوصاني أبي بأننا لا يجب أن نبكي أمام الآخرين، تحت طائلة عجزنا عن التخلّي عن الرابط الذي يجمعنا بأمّنا. وكان والدي هو الذي أجاب بدلاً عنّي :"إن كان الأمر كذلك، فحكومتنا حرّة في أن تفعل ما تراه لازمًا".
وسألني ذلك الشخص في المحكمة مرّة أخرى :"في صورة ما إذا أعدِمت، هل ستطلبون استرجاع جثتها ؟ هل ستطلبون استرجاع أدباشها في السجن ؟" ومرّة أخرى أجاب أبي عنّي :"لسنا في حاجةٍ لشيءٍ". عندما خرجنا من فندق المقاطعة، كان أبي يُمسك بيدينا، أنا وأخي. ورجعنا كلّنا بخطىً متعثرة إلى البيت وسط عاصفة من الثلج. لم نطبخ شيئًا يومها، قطع أبي رغيف خبز الحبوب الوحيد الذي كان لدينا في المنزل، وقسمه بيني وبين أخي، وقال لنا :"كُلوه بسرعة، واذهبوا للنوم باكرًا". واضطجعتُ على فراش الطين دون أن أنبس بكلمة. كان أبي يجلس على كرسيّ ويُحدّق في النور بنظرة خاشعة. وبعد مرور بعض الوقت نظر إلى فراشنا وظنّ أننا نمنا، فنهض، وفتح بلطف الحقيبة التي جلبناها من مسكننا القديم بشانيانغ، وأخرج منها صورة لأمّي، وتأمّلها، ولم يستطع أن يتمالك نفسه عن البكاء.
فنهضتُ من الفراش ووضعتُ رأسي بين ذراعيْ أبي وأخذتُ أبكي بدموع حارقة، فربّت أبي على ظهري برفق قائلاً :"هس، يُمكن أن يسمعنا الجيران"، وعندما سمع أخي بكائي، نهض هو أيضًا. وضمّنا أبي بشدّة إليه. لقد سكبنا أنهارًا من الدموع في تلك الليلة ولكن لم يكن مسموحًا لنا أن نبكي." [26]
كان هناك أيضًا أستاذ جامعيّ يعيش حياة عائليّة سعيدة، ولكنه فيما بعد عاش هو وعائلته مأساة في فترة إصلاح اليمينيّين. بالفعل، في فترة حركة ضدّ اليمينيّين، المرأة التي ستصبح فيما بعد زوجته كانت على علاقة مع شخص كان يُعتبر من اليمينيين. وتبعًا لذلك، أرسِل هذا الشخص إلى منطقة نائية وتعذب كثيرًا. وبما أنها كانت صغيرة السنّ ولا يُمكن أن تتبعه إلى هنالك، فقد اضطرّت إلى قطع تلك العلاقة وتزوّجت من الأستاذ المذكور آنفـًا. ولكن عندما رجع حبّها الأول إلى مسقط رأسه، لم تجد تلك المرأة ـ والتي كانت وقتها أمّا لعدّة أطفال ـ وسيلة تـُكفّر بها عن خيانتها له في الماضي وتتخلّص بها من إحساسها بالذنب سوى أن تصرّ على الطلاق من زوجها. في تلك الفترة كان عمر زوجها يتجاوز الخمسين، ولم يتحمّل الزوج ذلك الانقلاب المفاجئ، وطار عقله لذلك الأمر، فنزع كلّ ملابسه، وخرج يجري في كلّ مكان باحثًا له عن مكان يبدأ فيه حياة جديدة. وفي النهاية تركته زوجته هو والأبناء. إنّ الفراق المؤلم الذي يأمرُ به الحزب لا يُمكن أن يُعَوّض بشيء، إنه مرض اجتماعي عضال لا يُمكن سوى أن يُعوّض فراقًا بآخر.
الأسرة هي الخليّة الأساسية في المجتمع الصيني، وهي أيضًا آخر حصْنٍ للثقافة التقليدية في مواجهة ثقافة الحزب. لذلك فإنّ الضرر الذي ألحقه الح ش ص بالأسرة هو الأقسى في تاريخ جرائمه.
بما أنّ الح ش ص يحتكر كلّ الموارد الاجتماعية، فعندما يُعتـَبَرُ شخصٌ مّا مناهضًا للديكتاتورية، سيواجه في الحين أزمة بقاءٍ، الكلّ يتهمه وينتهي به الأمر إلى فقدان كرامته. عندما يتعرّض هؤلاء لظلمٍ كهذا، فإنّ الأسرة تكون الملجأ الوحيد بالنسبة لهم، والعزاء والحيد. ولكنّ سياسة الح ش ص التي تتدخّل في كلّ شيءٍ منعت أفراد العائلة الواحدة من أن يُؤازروا بعضهم البعض، لأنّ في ذلك مُخاطرة : يُمكن أن يُنعَتوا هم أيضًا بكونهم معارضين للديكتاتورية. جانغ جيسين التي أرغِمت على الطلاق هي مثال على ذلك. بالنسبة للكثيرين، خيانة أفراد أسرتهم لهم ـ سواء بالوشاية، أو الخصام الصريح، أو الانتقاد العلنيّ، كان الضربة القاضية بالنسبة لهم. لذلك الكثيرون منهم انتحروا.
VI. أشكال القتل وعواقبه
1- ايديولوجية القتل لدى الح ش ص
لطالما تباهى الح ش ص بموهبته وابتكاره في تطويره للماركسية ـ اللينينية، ولكن الحقيقة روح ابتكاره تتمثل في الشرّ الذي نشره والذي لا مثيل له في التاريخ، ولا في العالم. إنه يستعمل الإيديولوجية الشيوعية للوحدة الاجتماعية ليخدع عامّة الناس والمثقفين. إنه يستغلّ العقيدة التي زعزعها العلم والتكنولوجيا ليدعو إلى الإلحاد المطلق. إنه يستعمل الشيوعية لينبذ الملكية الخاصّة ويستنجد بنظريّات وممارسات لينين في الثورة العنيفة ليسوس البلاد. كما استعمل ودعّم أسوء جزءٍ في الثقافة الصينية، الجزء الذي يتعارض مع التقاليد الصينية الأصيلة.
لقد اخترع الح ش ص نظريّة كاملة وبُنية "ثورة" و "ثورة دائمة" تحت زعامة البروليتاريا ؛ وقد استعمل هذا النظام ليغيّر المجتمع ويضمن ديكتاتورية الحزب. نظريّته تحتوي على جُزئين : قاعدة اقتصادية، وتركيبة عليا تحت زعامة البروليتاريا. القاعدة الاقتصادية تـُحدّد التركيبة العليا، بينما تؤثر التركيبة العليا بدورها على القاعدة الاقتصادية. لتقوية التركيبة العليا وعلى وجه الخصوص سلطة الحزب، فعليه أن يبدأ الثورة انطلاقًا من القاعدة الاقتصادية، وهذا يشمل :
1ـ قتل مالكي الأراضي لحلّ مشاكل العلاقات الإنتاجية [27] في الأرياف
و
2ـ قتل الرأسماليّين لحلّ مشاكل العلاقات الإنتاجية في المدن.
داخل التركيبة العليا، القتل بصفة متكرّرة يصلحُ أيضًا للحفاظ على هيمنة الحزب المطلقة على الايديولوجيا، وهذا يشمل :
(1) حلّ مسألة السلوك السياسي للمثقفين إزاء الحزب
على مدى فترة طويلة، شنّ الح ش ص عديد الحملات المُخصّصة لإصلاح فكر المثقفين. لقد اتّهم المثقفين بالنزعة الفردانيّة البورجوازية، وبالايديولوجيا البورجوازية، وبالآراء اللاّـ سياسية، وبالايديولوجيا "دون طبقات"، وبالليبرالية، الخ. لقد جرّد المثقفين من كرامتهم بإخضاعهم لغسيل المخّ وتدمير ضمائرهم. لقد قضى ـ أو كاد ـ على الفكر الحرّ المستقلّ وعلى خاصّيات أخرى تـُميّز المثقفين، مثل إعلاء الصوت لنصرة العدالة، وتسخير الحياة لخدمة العدالة. هذه السنّة المأثورة تعلّم ما يلي :"عدم الإفراط في الثروة والتشريفات. عدم نسيان الهدف من الوجود عندما يكون المرء يعاني من ضنك العيش، أو يكون تحت تهديد العنف، عدم الرضوخ لأسلوب القوّة..." [28]. "أن يكون الشخص أوّل من يُبادر إلى الاهتمام بمستقبل الأمّة وآخر من يُطالب بحصّته من السعادة" [29]. "كلّ فردٍ عاديّ عليه أن يُحسّ بالمسؤولية تجاه نجاحات الأمّة وفشلها" [30]. و "الرجل الفاضل يجب أن يُسدي الخير والإحسان لأمّته أمام أنظار الجميع، أمّا في الخفاء فيعملُ على تحسين نفسه" [31].
(2) إطلاق ثورة ثقافية وقتل الناس للوصول إلى سلطة سياسية وثقافية مطلقة للح ش ص
لقد أطلق الح ش ص حملاتٍ جماهيريّة في داخل البلاد كما في خارجها، وشرع في قتل الناس المنتمين لميدان الأدب، والفنون، والمسرح، والتاريخ، والتربية. في بداية هجوماته استهدف الح ش ص ناسًا معروفين مثل "القرية ذات الأسر الثلاث" [32]، ليو شاوتشي، ووهان، لاوو شو، و جيان بوزان. فيما بعدُ من قـُتِل كانت "مجموعة صغيرة داخل الحزب" و"مجموعة صغيرة داخل الجيش"، وفي النهاية انتشر التقتيل واستفحل من كلّ العناصر داخل الحزب والجيش إلى كلّ الأفراد في البلاد. كانت المعارك المسلّحة تقضي على الناس جسديّا ؛ والهجمات الثقافية تقتلهم فكريّا. كانت تلك الفترة فترة فوضويّة وعنيفة إلى أقصى حدّ تحت سيطرة الح ش ص. لقد تمّ تضخيم جانب الشرّ في الطبيعة الإنسانية إلى أقصى حدّ بما يخدم مصالح الحزب ويُقوّي نفوذه عن طريق الأزمة. كان القتل يستطيع أن يرتكب القتل بصفة اعتباطية وذلك باسم "الثورة" وحماية ً لـ "خط السير الثوريّ للرئيس ماوو". لقد كانت ممارسة وطنيّة لم يسبق لها مثيل، تتمثل في القضاء على الطبيعة الإنسانية.
(3) تيانانمن : لقد فتح الح ش ص النار على الطلبة في ساحة تيانانمن في 4 يونيو 1989، كردّ على المطالب الديموقراطية التي تلت الثورة الثقافية.
كانت تلك أوّل مرّة يقتل فيها الجيش علانيّة مواطنين كانوا يتظاهرون ضدّ الغشّ والفساد والتواطؤ بين الموظفين الحكوميّين ورجال الأعمال، ويُطالبون بحرّية الصحافة والتعبير والتجمّع. أثناء مجزرة ساحة تيانانمن، ذهب الح ش ص حتّى إلى وضع تمثيليّة في الشارع : أناسٌ يحرقون عرباتٍ عسكريّة ويقتلون جنودًا، وذلك لإذكاء الكراهية بين العسكريّين والمدنيّين. وكان هذا ما سبّب المأساة التي نرى فيها جيش الشعب يُقتـّل الشعب.
(4) قتل الناس من عقائد مختلفة
قتل العقائد الروحية هي مسألة حيويّة بالنسبة للح ش ص. لكي ينخدع الناس بهرطقته، بادر الح ش ص منذ وصوله إلى السلطة، إلى محاولة اقتلاع كلّ الديانات وكلّ الأنظمة العقائدية. عندما برزت مُؤخّرًا عقيدة قديمة ـ وهي الفالون غونغ ـ على السطح، أشهر الح ش ص مرّة أخرى سكّينه الدامي. استراتيجيّة الح ش ص هي استغلال مبادئ الفالون غونغ :"الحق، الرحمة، الصبر" واستغلال كون أولئك الذين يُمارسون الفالون غونغ "لا يستعملون السمّ لقتل الناس"، و"لا يرتكبون أعمال عنفٍ" و"لا يُمثلون أيّ تهديدٍ للاستقرار الاجتماعيّ". من خلال التجربة التي خَبِرها أثناء اضطهاده للفالون غونغ، اكتسب الح ش ص خبرة وفعاليّة أكثر في تصفية المجموعات التي لديها عقائد أخرى. هذه المرّة أتى جيانغ زمين والح ش ص في المقدّمة ليقتلوا بأيديهم بدل تكليف أشخاصٍ آخرين بفعل ذلك.
(5) قتل الناس لإخفاء الحقيقة
حقّ الناس في معرفة الحقيقة هو نقطة ضعفٍ أخرى للح ش ص ؛ إنه يقتل الناس أيضًا ليمنع مرور المعلومة. في الماضي كان "الاستماع للبرامج الإذاعية للعدوّ" يجرّ عقوبة بالسجن. مؤخّرًا سرت الأخبار عن التقاط قنوات تلفزية حكومية توضح الحقيقة بشأن اضطهاد الفالون غونغ، فما كان من جيانغ زمين إلاّ أن أصدر أمرًا سرّيًا بـ "القتل فورًا ودون رحمةٍ". لقد حرّك الح ش ص المكتب 610 (تنظيم أشبه ما يكون بالغاشتابو النازية موضوع خصّيصًا لاضطهاد الفالون غونغ)، والشرطة، والنيابات العامّة، والمحاكم، وشرطة انترنت رهيبة للتلصّص على الناس في أدنى أفعالهم وحركاتهم.
(6) حرمان الناس من حقّ الحياة خدمة لمصالح الح ش ص
إنّ نظرية الح ش ص المتمثلة في الثورة المستمرّة تعني في الحقيقة أنه لن يتخلـّى أبدًا عن سلطته. حاليّا، الغشّ والفساد داخل الح ش ص قد تضخّما إلى درجة أنّ الحكم المطلق صار لا يتناسب مع حقّ الشعب في البقاء. عندما يُكوّن بعض الأشخاص تنظيمًا يُدافعون من خلاله عن حقوقهم دفاعًا شرعيّا، يلجأ الح ش ص إلى العنف، مُشهـِرًا سكّينه الدامي في وجه أولئك "القادة" المزعومين لتلك الحركات. وقد أعدّ الح ش ص أكثر من مليون شرطيّ مسلـّح لبلوغ هذا الهدف. وهو الآن جاهز ومُستعدّ للقتل أفضل بكثير ممّا كان عليه أثناء مجزرة تيانانمن في 4 يونيو 1989 حيث اضطرّ وقتيّا لتعبئة قوّته العسكريّة. لقد زجّ الح ش ص شعبه في مأزق وطريق مسدود، لكنه في نفس الوقت زجّ بنفسه فيه أيضًا. إنّ الح ش ص الآن قد صار هشّا إلى درجة أنه ـ كما يقول المثل الصينيّ ـ "عندما تهبّ الريح فهو يخال الأشجار والأعشاب أعداء".
ما سبق يبيّن لنا أنّ الح ش ص هو روحٌ شرّيرة بطبعها. مهما تكن التغييرات التي يُمكن أن يقوم بها، وفقـًا لمكان أو زمان مُعيّن، للحفاظ على سيادته المطلقة، لن يُغيّر الح ش ص أبدًا تاريخه الدامي : لقد قتل ويقتل وسيظلّ يقتل.
2- أشكال مختلفة للقتل حسب الظروف
أ ـ الدعاية تسبق الفعل
كان للح ش ص مُختلف المقاربات التي يستعملها لقتل الناس، تختلف باختلاف الفترات الزمنية. في معظم الحالات كان الح ش ص يقوم بدعاية قبل أن يقتل الناس. وإثر ذلك كان يتسنـّى له القول ":لم نهدّئ الغضب الشعبي سوى بالقتل" كما لو أنّ الشعب هو الذي طلب منه القتل. في الواقع، لقد كان هو الذي يستثير الغضب الشعبي.
مثلاً مسرحيّة "الفتاة ذات الشعر الأبيض" [33]، والتي هي تشويه للأسطورة الشعبية، وقصص جمع الكراء أو البرج الرئيسي التي تتحدّث عنها مسرحيّة "ليو وانتساي" هي أيضًا استـُعمِلت لـ "تعلـّم" الناس كُره مالكي الأراضي. لقد اعتاد الح ش ص على القدح في أعداءه، مثلما فعل مع الرئيس السابق ليو شاوتشي. وهذا مثال آخر : في يناير 2001 وضع الح ش ص تمثيليّة الانتحار حرقـًا في ساحة تيانانمن ليُثير في قلوب الناس كراهية الفالون غونغ، وإثر ذلك ضاعف حملته في تقتيل الفالون غونغ. لا فقط لم يُغيّر أسلوبه في القتل ولكنه طوّره ونمّقه مُستعملاً تكنولوجيا المعلومات الحديثة. في الماضي كان الح ش ص يستطيع أن يخدع فقط الصينيّين، ولكن اليوم بإمكانه أن يخدع كلّ العالم.
ب ـ تشجيع الشعب على قتل بعضه بعضًا
لا فقط يقتل الح ش ص الناس بواسطة آلته القمعيّة، ولكنه أيضًا يُشجّع الناس على تقتيل بعضهم البعض. حتّى وإن التزم ببعض القواعد في بداية عمليّة القتل، فحالما يُحرّض الناس على المشاركة، لا شيء يعود بإمكانه أن يُوقف المجزرة. مثلاً عندما كان الح ش ص يقوم بالإصلاح الزراعي، كانت كلّ لجنة محلـّية تملك حقّ الحياة والموت على مالكي الأراضي.
ج ـ تدمير نفسيّة الشخص قبل قتله جسديّا
هناك طريقة أخرى للقتل وهي تتمثل في تحطيم الشخص نفسيّا قبل قتله مادّيًا. في تاريخ الصين وصولاً إلى أكثر قادة الحزب الشيوعي السوفياتي قسوة ً(207 ـ 221 ق م)، ما من أحدٍ منهم كان يُدمّر الناس ذهنيّا. لم يترك الح ش ص أبدًا فرصة للناس لكي يموتوا شهداء. لقد أصدروا قوانين مثل :"تخفيف عقوبة أولئك الذين يُقدّمون تنازلات وتشديد العقوبات على أولئك الذين يُقاومون". إرغام الناس على "طأطأة الرأس والاعتراف بجرائمهم هو الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة". يُرغم الح ش ص الناس على التخلـّي عن أفكارهم وعقائدهم الذاتية ويتركهم يموتون مثل الأنعام، دون كرامة. بالفعل، أولئك الذين يموتون بكرامة يُمكن أن يكونوا مصدر إلهامٍ للآخرين. ولكنّ الح ش ص لا يتمكّن من "تربية" أولئك الذين سيستلهمون من الضحايا ويُعجَبون بهم إلاّ عندما يموت هؤلاء الضحايا في الذلّ والهوان. السبب الذي من أجله يُضطـَهَدُ الفالون غونغ بتلك الوحشيّة هو أنّ ممارسي الفالون غونغ يعتبرون عقيدتهم أثمن من حياتهم. حينئذٍ عندما يجد الح ش ص نفسه عاجزًا عن تلطيخ كرامتهم، فإنه يفعل كلّ ما بوسعه فعله لتدميرهم جسديّا.
د ـ القتل عبر التحالف مع الناس أو استعبادهم
الح ش ص يقتلُ مستعملاً سياسة العصا والجزرة، تارة يربط أواصر الصداقة مع ضحاياه، وتارة يتخلـّى عنهم. الح ش ص يُحاول دائمًا أن يُهاجم نسبة ً صغيرة ً من الشعب، حوالي 5 %. هو يُصرّح أنّ غالبيّة الشعب طيّبة، هي فقط في حاجة إلى "التربية". هناك التربية عن طريق الترهيب والتربية عن طريق الترغيب. التربية عن طريق الترغيب تتمثل في إفهام الناس أنهم إن حازوا على ثقة الح ش ص وتحالفوا معه، لا فقط سينعمون بالأمن وإنّما سيكون بإمكانهم أيضًا أن يحصلوا على مِنحٍ وزياداتٍ، أو أشكال أخرى من الانتفاع. قال لين بياو [34] :"جزءٌ صغيرٌ يُحذف اليوم، وجزءٌ آخر غدًا، شيئًا فشيئًا يُصبح المجموع جُزءًا كبيرًا". أولئك الذين هنّؤوا النفس بالنجاة من حركةٍ مّا غالبًا ما كانوا ضحايا الحركة الموالية.
هـ ـ قتل التهديدات المُحتمَلة في الرحم وجرائم القتل اللاّ ـ قانونية والسرّية
مؤخّرًا طوّر الح ش ص نموذجًا من القتل يتمثل في قتل المشاكل وهي ما زالت في "مرحلتها الجنينيّة" والقتل السرّي والخالي من كلّ شرعيّة. مثلاً عندما يقوم مجموعة من العمّال بإضرابٍ أو تتعالى احتجاجات الفلاّحين، فإنّ الح ش ص يقمع تلك الحركات قبل أن تكبر وتنمو مُعتقلاً زعماء تلك الحركات ومُسلـّطا عليهم أشدّ العقوبات. الحرّية وحقوق الإنسان هي مواضيع أصبحت منتشرة الآن في العالم ويتــّفق عليها الجميع، لذلك فإنّ الح ش ص لم يُسلط على أيّ ممارس فالون غونغ عقوبة الإعدام. ولكن تنفيذًا لأوامر جيانغ زمين الذي قال :"إن قتلتم ممارس فالون غونغ، فلن يترتّب عن ذلك أيّ مسؤولية"، من الدارج أن نرى على كامل نطاق البلاد ممارسين يتعرّضون للتعذيب ويموتون ميتة مأساويّة. ورغم أنّ الدستور الصيني يضمن حقّ المواطن في الشكوى إن تعرّض لمظلمة، فإنّ الح ش ص يطلب من الشرطة ذات الزيّ المدنيّ، أو حتّى من المجرمين، أن يُوقفوا المواطنين الذين يتقدّمون بالشكوى ويطردوهم، وحتّى أن يرموهم في مخيّمات العمل الإجباريّ.
و ـ قتل الفرد الواحد يصلح درسًا لبقيّة الأفراد
عمليّات اضطهاد جانغ جيسين، يو كووكو و كين جاوو [35] هي أمثلة على ذلك.
ز ـ استعمال القمع لإخفاء حقيقة القتل
الناس المشهورون الذين لديهم صيت على الساحة العالمية، في الغالب يتمّ قمعهم ولكن ليس قتلهم. الهدف هو إخفاء قتل أولئك الذين لا يملكون جاهًا ولا سلطة ً والذين لا يسترعي موتهم الانتباه. مثلاً أثناء حملة قمع الرجعيّين، لم يقتل الح ش ص موظفين مرموقين مثل لونغ يون، فو دزو يي و دو يومينغ، ولكنه قتل ضباط وجنود الكوومينتانغ البسطاء.
لجوء الح ش ص إلى القتل على مدى فترة زمنية مطوّلة أفسد روح الشعب الصيني. حاليّا في الصين، ناس كثيرون يميلون إلى القتل. عندما هاجم إرهابيّون الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، كثير من الصينيين استمتعوا بمشاهدة ذلك على مواقع الانترنت في الصين. كنتَ ترى في كلّ مكان أنصار "حربٍ بلا حدودٍ"، وهذا الأمر مُخيفٌ.
خاتمة
بسبب الحصار المعلوماتيّ الذي يُقيمه الح ش ص، لا نملكُ أيّ وسيلة تـُمكّننا من معرفة كم بالضبط من الناس قـُتِلوا على مدى مختلف حركات الاضطهاد التي وقعت في حكمه. أكثر من 60 مليون شخصًا قـُتِلوا في الحركات المذكورة أعلاه. وزيادة على ذلك، قتل الح ش ص أيضًا أقليات عرقيّة في السيندجيانغ، والتيبت، ومنغوليا الداخلية، ويونّان، وفي مناطق أخرى ؛ من الصعب معرفة الحقيقة عن تلك المجازر. قدّرت صحيفة الواشنطن بوست أنّ عدد الأفراد الذين ماتوا نتيجة اضطهاد الحزب يصل إلى 80 مليونًا [36].
وبالإضافة إلى الذين قـُتِلوا، ليس لدينا أيّ إمكانية لمعرفة الأشخاص الذين أصبحوا معاقين عضويّا، أو مختلـّين عقليّا، أو مسعورين، أو مُصابين بالذهان الهذيانيّ جرّاء الاضطهاد الذي تعرّضوا له. كلّ ميتة هي في حدّ ذاتها مأساة تترك جروحًا عميقة في نفوس أفراد عائلات الضحايا.
مثلما ورد ذلك في وكالات أنباء يوميوري في اليابان [37]، الأبحاث التي أجرتها الحكومة المركزية الصينية على 29 مقاطعة ومدينة يُشرف على إدارتها النظام مباشرة ً أظهرت أنّ ما يقارب 600 مليون شخص تضرّروا مباشرة ً من الثورة الثقافية، أي ما يعادل نصف الشعب الصيني.
كان ستالين يقول :"موت شخص هي مأساة، وموت مليون شخص هي إحصائيّات". عندما أخبِر لي جينغتشوان، أمين الحزب الشيوعي الأسبق في مقاطعة سيشوان، بعدد قتلى المجاعة التي حصلت في سيشوان، علـّق كما يلي :"أيّ فترةٍ حاكمةٍ لم تشهد موت الناس ؟" قال ماوو تسي تونغ أنّ "كلّ التضحيات لازمة لا مفرّ منها، في كلّ نضال غالبًا ما يكون هناك قتلى"، تلك هي وجهة نظر الشيوعيّين المُلحدة عن الحياة. لذلك مات 20 مليون شخصًا تحت اضطهاد نظام ستالين، أي ما يُعادل نسبة 10% من شعب الاتحاد السوفياتي السابق. لقد قتل الح ش ص 80 مليون شخصًا على الأقلّ، في مختلف حركات الاضطهاد، وهو ما يعادل أيضًا نسبة 10% من الشعب. قتل الخمير الحمر مليوني شخص، وهو ما يُعادل ربع الشعب الكمبودي آنذاك. في كوريا الشمالية، عدد قتلى المجاعة كان يتجاوز المليون. كلّ هذه الدماء هي على عاتق الحزب الشيوعي.
الطوائف السرية تقدّم الناس كقرابين وتـُريق دماءهم لترضي الأرواح الشريرة. منذ بدايته لم يتوقف الحزب الشيوعي أبدًا عن القتل. عندما لم يكن يقدر أن يقتل أولئك الذين هم خارج الحزب، كان يقتل حتّى عناصره هو إحياءًا لذكرى "صراع الطبقات"، "الصراعات الداخلية للحزب"، وغيرها من الأفكار الباطلة. ووصل به الأمر إلى أن يقدّم على هيكل الأضاحي أمينه العامّ، وقوّاده، ووزراءه وكثير آخرون، قربانًا لطقوسه الشريرة.
كثير هم الذين يُفكّرون أنه علينا أن نعطي الح ش ص الوقت لكي يُصلح نفسه، مستشهدين بأنه اليوم أكثر اعتدالاً في ممارسته للقتل. ولكنّ قتل شخص واحد يكفي لإسناد صفة "قاتل" لمن قتل. من منظور أشمل، القتل هو الطريقة رقم 1 للح ش ص لكي يُسيّر نظامه القائم على الرعب، إنه يقتل عددًا صغيرًا أو كبيرًا حسب احتياجاته، لكي يبقى في السلطة. إنّ أفعال الح ش ص غير متوقعة. عندما لا يحسّ الناس إحساسًا قويّا بالخوف، يقتل الح ش ص المزيد لكي يزيد من الرعب العامّ ؛ عندما يكون الناس شاعرين بالخوف، قتل عددٍ قليل فقط يكفي للإبقاء على حالة الرعب تلك ؛ عندما يكون الناس غير قادرين على إخفاء شعورهم بالخوف، آنذاك يكفي الح ش ص أن يُعلن نيّته في القتل، دونما حاجةٍ للمرور إلى التطبيق. بعد المرور بعددٍ لا يُحصى من الحركات السياسية السفاحة، نمّى الناس ردّة فعل لا شعوريّة تجاه الح ش ص، ولم تعد هناك حاجة حتّى إلى إعلان نيّة القتل. هنا يكفي فقط استعمال النقد العامّ بواسطة آلة الدعاية لإذكاء ذكرى الرعب والهلع في نفوس الناس.
عندما لا يُحسّ الناس بنفس الرعب، يُعدّل الح ش ص من حدّة التقتيل. عدد الأشخاص المقتولين ليس هدفًا في حدّ ذاته ؛ النقطة الرئيسية هي القتل بصفة مستمرّة للحفاظ على السلطة. لم يُصبح الح ش ص أكثر لطفـًا، ولا هو تخلـّى عن سكّينه الدامي. الناس هم الذين أصبحوا مُطيعين أكثر من ذي قبل. إن نهضوا للمطالبة بشيءٍ يتجاوز ما يُطيقه الح ش ص ويقبله، فإنّ هذا الأخير لن يتردّد في القتل.
أكثر أنواع القتل فاعليّة في الإبقاء على الرعب هو القتل العشوائيّ. أثناء مختلف حملات التقتيل التي حدثت، ظلّ الح ش ص غامضًا بشأن هويّة الأشخاص، ونوع الجريمة، ومقاييس الحكم بالإعدام. كان الناس، حرصًا على حياتهم، يُبقون أقوالهم وأفعالهم في حدود مستوياتٍ "آمنةٍ". حدود "الأمان" هذه تتجاوز حتّى ما يفرضه الح ش ص نفسه. لذلك في كلّ حركة، يميل الناس إلى التصرّف على أساس أنهم "إلى اليسار أكثر منهم إلى اليمين". لذلك فإنّ الحركات غالبًا ما تمتدّ على نطاق "أوسع" من النطاق المُحدّد في البداية، لأنّ الناس من مختلف الشرائح يفرضون على أنفسهم ـ بصفة إراديّة ـ قواعد وحدودًا لكي يضمنوا سلامة أرواحهم، كلما كان المستوى متدنـّيًا كلما كانت الحملة قاسية. هذا التضخيم والتكثيف الإرادي لأنظمة الرعب على نطاق كلّ البلاد آتٍ من التقتيل العشوائيّ للح ش ص.
على مدى تاريخه الطويل في ممارسة القتل، استحال الح ش ص إلى سفـّاح شرّير. عندما يقتل هو يُرضي مفهومه الفاسد والشرّير للسيادة المطلقة وحقّ الحياة والموت على كلّ إنسان. عندما يقتل هو يُخفـّف من إحساسه العميق بالخوف. عندما يقتل هو يقمع حالة الاستياء الاجتماعية وعدم الرضا التي سبّبتها أعمال القتل السابقة. اليوم يحمل الح ش ص على كتفيْه مسؤولية كلّ الدماء التي أهدِرت، لذلك من المستحيل أن تنحلّ هذه المسألة بشكل ودّي. لا يسعه سوى أن يعتمد على ضغط قويّ وعلى سلطة شموليّة لكي يُحافظ على بقاءه إلى أن ينتهي تمامًا. مهما تنكّر الح ش ص ووضع الأقنعة في مناسباتٍ مختلفةٍ، مانحًا تعويضاتٍ لضحايا جرائمه، فإنّ طبيعته السفـّاحة لم تتغيّر قط، ومن غير المتوقع أيضًا أن تتغيّر في المستقبل.
ملاحظات :
1ـ رسالة ماوو تسي تونغ إلى زوجته دجيانغ تشينغ (1966).
2ـ التركيبة العليا في إطار النظرية الاجتماعية الماركسية تتمثل في طرق التواصل بين الذاتية البشرية والجوهر المادّي للمجتمع.
3ـ هوفانغ، عالم وناقد أدبيّ كان مُعارضًا للأدب السياسي الذي يستعمله الح ش ص لمذهبة الناس. طـُرِد من الحزب سنة 1955 وحُكِم عليه بـ 14 سنة سجنًا.
4ـ حوارات كونفوشيوس.
5ـ ليفيتيكوس 18 : 19.
6ـ ماركس، بيان الحزب الشيوعي (1848).
7ـ ماوو تسي تونغ، ديكتاتورية الديموقراطية الشعبية (1949).
8ـ ماوو تسي تونغ، "يجب علينا أن ندعو بما أوتينا من جهدٍ إلى "قمع الرجعيّين". وهكذا كلّ أسرةٍ تكون على علمٍ بالأمر". (30 مارس 1951).
9ـ ماوو تسي تونغ، "يجب أن نضرب الرجعيّين بعنفٍ وبدقّة" (1951).
10ـ المملكة السماوية بتايبينغ (1851 ـ 1864)، وتـُعرَفُ أيضًا بـ "تمرّد تايبينغ"، هي أحد أكثر الحروب دمويّة في تاريخ الصين. كان مُواجهة بين القوى الامبراطورية وأناسٍ يتـّبعون هونغ سيونشوان الذي نصّب نفسه بنفسه. كان قادمًا من المجموعة الثقافية الصوفية "هاكّا" وكان أيضًا قد اعتنق المسيحيّة. 30 مليون شخصًا على الأقلّ قـُتِلوا في هذه الحرب.
11ـ مُعطيات مأخوذة من الكتاب الذي نشرته دار شانغمينغ للنشر ومكانها هونغ كونغ.
12ـ القفزة الكبرى إلى الأمام (1958 ـ1960) هي حملة قادها الح ش ص. تهدف هذه الحملة إلى إنعاش الصناعات الصينية، وعلى وجه الخصوص صناعة المعادن. وقد تسبّب ذلك في كارثة اقتصادية.
13ـ نشرتها في 1994 دار الطبع : العلم الأحمر. المقولة التي ترجمها المترجم.
14ـ وحدة قيس : 1مو = 6.67 آر.
15ـ بانغ دوهواي (1898 ـ 1974) : زعيم سياسي وماريشال شيوعي صيني. كان بانغ قائدًا عامّا في الحرب الكورية، ووزيرًا أوّلاً مساعدًا في لجنة شؤون الدولة، وعضوًا في المكتب السياسي ووزيرًا للدفاع من 1954 إلى 1959. نـُحّي من مهامّه الرسمية إثر عدم استحسانه للمقاربات اليسارية لماوو في الدورة الكاملة للح ش ص بلوشان سنة 1959.
16ـ دوجاغر، ريمون ـ العدوّ الداخلي. كتب غيلد، بولس الكاثوليكي، مُدمج (1968).
17ـ مجزرة داسينغ حدثت في شهر أغسطس 1966 عندما تمّ تغيير زعيم الحزب في بيكين. في ذلك الحين ألقى سيي فوجي ـ وزير الأمن العمومي ـ خطابًا أثناء اجتماع مكتب الأمن العمومي في بيكين، دعا فيه إلى عدم التدخل لمواجهة أفعال الحرس الأحمر ضدّ "الطبقات السوداء الخمس". وسرعان ما مُرّر هذا الخطاب لاجتماع اللجنة التنفيذية لمكتب الأمن العمومي بداسين. بعد الاجتماع ردّ المكتب الفعل بسرعةٍ وكوّن خطة لتحريض جماهير إقليم داسين على قتل "الطبقات السوداء الخمس".
18ـ جانغ يي، سكارلت ميموريال (الكتاب التذكاري الأحمر) (تايبه : دار النشر التابعة للتلفزيون الصيني، 1993). هذا الكتاب متوفر بالانكليزية : الكتاب التذكاري الاحمر : قصص الوحشية وأكل لحم الإنسان في الصين الحديثة، كتبه يي جانغ، ترجمه ت.ب سيم (بولدر، كولورادو : الصحافة الغربية، 1998).
19ـ "المجتمع القديم" : عبارة يستعملها الح ش ص وتشير إلى الفترة الممتدّة إلى 1949، و"المجتمع الحديث" تشير إلى الفترة التي تلي 1949، بعدما أمسك الح ش ص بزمام البلاد.
20ـ طريقة التعذيب بواسطة القميص الجبريّ. لمزيدٍ من المعلومات زوروا الموقع التالي :
بالصينية
http://minghui.org/mh/articles/2004/9/30/85430.html
بالانكليزية
http://www.clearwisdom.net/emh/articles/2004/9/10/52274.html
21ـ في 1930، أمر ماوو الحزب بقتل الآلاف من عناصره، من جنود الجيش الأحمر، ومدنيّين أبرياء في مقاطعة جيانغسي بهدف تقوية نفوذه في المناطق الخاضعة لحكم الح ش ص. لمزيدٍ من المعلومات زوروا الموقع التالي (بالصينية) :
http://kanzhongguo.com/news/articles/4/4/27/64064.html
22ـ غاوو غانغ و راوو شوشي : كان كلاهما عضوًا في اللجنة المركزية للح ش ص. بعد فشل محاولة انقلاب في 1954، اتـّهِما بالتأمر لتقسيم الحزب وطرِدا من الحزب.
23ـ جو آنلاي (1898 ـ 1976) : الشخصية الثانية في تاريخ الح ش ص بعد ماوو. وهو أحد الشخصيات الرئيسية في الح ش ص والوزير الأول للجمهورية الصينية من 1949 إلى موته.
24ـ وانغ سيانغن، وثيقة مساندة الفياتنام والحرب ضدّ أمريكا. (بيكين : شركة النشر الثقافية العالمية، 1990).
25ـ جانغ جيسين كانت مثقفة عذبها الح ش ص إلى الموت أثناء الثورة الثقافية الكبرى لأنها انتقدت ماوو، وتحدّثت عن فشل القفزة الكبرى إلى الأمام وقالت الحقيقة. جرّدها حرّاس السجن من ثيابها مرّاتٍ عديدة وقيّدوا يديها وراء ظهرها ورموْها في زنزانة المساجين الذكور ليغتصبوها إلى أن جُنّت. عندما تمّ إعدامها، نظرًا لكون مسؤولي السجن كانوا يخشوْن أن ترفع صوتها بالاحتجاج، فقد قطعوا حنجرتها مباشرة قبل إعدامها.
26ـ تقرير 12 أكتوبر لمؤسسة البحث لاوو غاي :
http://www.laogai.org/news2/newsdetail.php?id=391
(بالصينية).
27ـ أحد الأدوات الثلاث التي كان ماركس يستعملها لتحليل الطبقات الاجتماعية وهي : وسائل الإنتاج، طرق الإنتاج، وعلاقات الإنتاج. علاقات الإنتاج تشير إلى العلاقات بين الناس الذين يملكون وسائل الإنتاج والناس الذين لا يملكونها، مثلاً العلاقة بين مالكي الأراضي والمُزارعين أوالعلاقة بين الرأسماليّين والعمّال.
28ـ لمنشيوس. الكتاب 3. مجموعات بانغوان الكلاسيكية، ترجمها د. س. لاوو.
29ـ مؤلف لغان جونغيان (989 ـ 1052)، وهو أستاذ صيني معروف، كاتب وموظف سامٍ في مملكة السونغ بالشمال. الشاهد مأخوذ من قصيدته الشهيرة :"تسلـّق قلعة يوييانغ".
30ـ مؤلفٌ لغو يانوو (1682 ـ 1693)، عالم شهير في مطلع فترة حكم التشينغ.
31ـ لمنشيوس. الكتاب 7. مجموعات بانغوان الكلاسيكية.
32ـ القرية ذات العائلات الثلاث هو اسمٌ مستعارٌ استعمله ثلاثة كتـّابٍ في السنوات 1960 : دانغ كوو، ووهان، و لياو موشا. وو هو مؤلف مسرحية : هاي روي يستقيل من منصبه. وقد اعتبر ماوو هذه المسرحية نقدًا سياسيّا لعلاقته مع الماريشال بانغ دوهواي.
33ـ الفتاة ذات الشعر الأبيض تروي في الأصل قصّة خالدة تعيش في مغارة وتتمتع بقوىً خارقة، وتعمل على مكافأة الخير ومعاقبة الشرّ ونصرة العدل والحدّ من الظلم. ولكن في المسرحية والباليه والأوبرا "العصرية"، يتمّ وصفها بأنها فتاة أجبِرت على الهروب إلى مغارة بعد أن ضربها أبوها ضربًا مبرّحًا لأنها رفضت الزواج من فلاّح عجوز وثريّ. وأصبح شعرها أبيضًا لأنه لم يعد لها ما تقتات عليه. إذًا فتحت ريشة كتـّاب الح ش ص، أصبحت هذه المسرحية في الصين الحديثة من أشهر المسرحيّات التي تحرّض على كره الفلاّحين الأثرياء ومالكي الأراضي.
34ـ لين بياوو (1907 ـ 1971)، أحد قوّاد الح ش ص المرموقين. عمِل تحت إمرة ماوو تسي تونغ كعضوٍ في المكتب السياسي الصيني، وكنائب رئيس (1958)، وكوزير دفاع (1959). يُعتبَرُ لين مهندس الثورة الثقافية الكبرى بالصين. عُيّن لين خلفـًا لماوو في 1966. ولكنه خسر حظوته في 1970. أحسّ لين بسقوطه، وتروي الإشاعة أنه شارك في عملية انقلابٍ وعندما انكشفت المؤامرة حاول الهرب إلى الاتحاد السوفياتي. ولكن في محاولته تلك الهربَ من التتبعات القضائية، تحطمت طائرته في منغوليا مسبّبة ً وفاته.
35ـ كان يوو لووكو مفكّرًا يدافع عن حقوق الإنسان، ومناضلاً قتله الح ش ص أثناء الثورة الثقافية. دراسته الضخمة : عن تاريخ العائلة، التي كتبها في 18 يناير 1967، هي أحد أكثر المقالات شهرة ً وأعمقها تأثيرًا من بين الدراسات التي تعكسُ فكرًا حرّا غير تابع للحزب أثناء سنوات الثورة الثقافية. أمّا لين جاوو، فكانت حائزة ً على شهادة في الصحافة من جامعة بيكين، وصُنـّفت يمينيّة سنة 1957 بسبب فكرها الحرّ ونقدها الصريح للحركة الشيوعية. اتّهـِمت بالتؤامر على الإطاحة بالديكتاتورية الديموقراطية الشعبية، واعتقِلت سنة 1960. سنة 1962 حُكِم عليها بـ 20 سنة سجنًا. ويوم 29 أبريل 1968 قتلها الح ش ص بصفتها عدوّة للثورة.
36ـ مأخوذ من
http://www.laojiao.org/64/article0211.html
(بالصينية).
37ـ مأخوذ من الرسالة المفتوحة التي وجهها سونغ مايلينغ للياو شانغجي (17 أغسطس 1982). المصدر :
http://www.blog.edu.cn/more.asp?name=fainter&id=16445
(بالصينية).
جميـع الحقوق محفوظة للناشر - صحيفة الإيبوك تايمز